15‏/06‏/2012

ماذا لو ترشح جورج إسحق أمام مبارك ؟؟

"مستغربين اوي ان المسيحيين اللي هيشاركوا هينتخبوا شفيق ؟ لو مبارك اترشح قدام جورج اسحاق ! السلفيين والاخوان وناس كتير منكم هيختاروا مبارك ."
بهذه العبارة تساءل أخ كريم مازحاً على  حسابه على تويتر . . لفت انتباهي أن الأمر قد يبدو للكثيرين للوهلة الأولى أنه مقنع , رغم أنه ليس كل ما يلمع ذهباً .

أقول له . . أخي الحبيب . .

أولاً / بخصوص أنه في حال حدوث منافسة على الرئاسة بين " مسلم " و " غير مسلم " فإن السلفيين و الإخوان و كثير من الناس (( المسلمين يعني أعتقد إنك عايز تقول كده )) حينتخبوا مبارك . . دعني أوضح لك امر لم تنتبه له . . و كلنا ذو سهو و خطأ .

أقول مستعيناً بالله . . إعلم أن أي مسلم متدين لن يذهب لصناديق الاقتراع في حالة مثل تلك .

لأن الشريعة الإسلامية تحرم أن يحكم دولة الإسلام غير مسلم , بغض النظر عن وضوح مدى عظمة و حكمة الشريعة في هذا التحريم لبعض العقول أو عجز و قصور البعض الآخر عن إدراك حكمة و عظمة ذلك التشريع فليس هذا موطن الحوار حتى لا نتفرع في حوار مثل حوار الطرشان , و إن شئت مناقشة هذا الأمر في نقاش مستقل تجد فيه إن شاء الله عجباً تسجد لله على عظمة تشريعه و لكن ليس هذا هو موضوع حديثنا .

و في هذه الحالة , سوف تكون الديموقراطية غير منضبطة بضوابط الشريعة , و هي ديموقراطية مرفوضة كلياً . . أقولها لك . . هذه هي ديموقراطية محرمة كليا . . التي تأتي بما يخالف شرع الله . . و المسلم لا يعترف بمثل هذه الممارسة أصلاً فضلاً عن أن يشارك فيها .

و إن شئت فارجع للتاريخ لترى كيف أن معظم متديني الشعب المصري كانوا يعرضون عن المشاركة في الانتخابات في السابق
, لمجرد أن العملية الديموقراطية كانت عمليه شكلية تزين الوجه القبيح للنظام المستبد , رغم وجود المادة الثانية للدستور  التي  لا يمكن في ظل وجودها - على الأقل نظرياً - التشريع بما يخالف الشريعة خاصة منذ 1996-

فما بالك يوم أن تكون عملية الانتخابات يرفضها الإسلام اصلاً .

لذا فاستدلالك بهذا ليس محل إلزام لأي أحد من المتدينين , أما من يخون دينه بفعل المحرمات و المشاركة في مثل هذه الممارسة . . فيسال هو عن ذلك . . و ليس فعله قدوة يحتذى بها , و لا مسوغ لمثله أن يحذو حذوه .

أما بالنسبة لتسويغك للمسيحي أن ينتخب شخصاً - أياً كان ليس عن قناعة و إنما لسبب طائفي .

أقول أن المسيحي المتدين , المتبع لتعاليم المسيح حقاً لا ينتخب شخصاً اياً كان , لمجرد النكاية في الإسلاميين , أو لكي لا يحكمه الإسلاميون الذين أثبتوا له أنهم لن يظلموه مثقال ذرة - و ذلك طبعاً بعيداً عن الدعاية المتحللة تعفناً على المراحيض الفضائية و أوراق التواليت الصحفية .

فإنني أظن أن هذا المسيحي المتدين لا يرضى أن يخون مصلحة شعبه , و دماء من ضحوا بحياتهم و هم يظنون أنهم سوف تحترم تضحياتهم , خاصة و أن منهم مسيحيون مثله .

لا أظن أنه يخون مصلحة الأمة التي هو جزء منها , من أجل نعرة طائفية .

خاصة و أن تعاليم العهد الجديد تدعوه إلى أن يترك ما لقيصر لقيصر و ما لله لله . . و كذلك "فأعطوا الجميع حقوقهم: الجزية لمن له الجزية. الجباية لمن له الجباية. والخوف لمن له الخوف. والإكرام لمن له الإكرام." . . فالعهد الجديد لا يحرم عليهم أن يحكمهم غير مسيحي . . و لكنه يحرم عليهم الخيانة . . التي تحرمها كل الأديان .

لذا أقول إن من انتخب شفيق ظناً منه أن في هذا مصلحة مصر . . فهو وقناعته . . أما من حسبها من هذه الحسبة الطائفية . . و هو يظن أن هذا في غير مصلحة مصر و لكن حتى لا يأتي الإسلاميون . . فقد خان مصر . . و خان دماء من ضحوا بدمائهم من ابناء طائفته . . لينعم هو بالتشفي في إقصاء الإسلاميين  . . و بذا يكون أيضاً قد خان إيمانه . . و الخائن أبداً لا تسوغ له خيانته على أنها . . عبادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توضيح هام :
هناك مسألة خطيرة في صلب عقيدة المسلم و مسالة مختلفة في صلب عقيدة المسيحي تفسر الأمر أكثر . .

أولاً / في عقيدة المسلم :
" أن الدولة التي يسكنها المسلمون واجب شرعي أن تحكم بشريعة الله . . لأن الإسلام دين و دولة . .

و هذه الطبيعة للإسلام هي بالمناسبة ما تنبأت به كتب اليهود . . إن الإسلام هو ملكوت الله "
 

و هذا الدين نفسه هو الذي جزء من شريعته ,  أن تراعى حقوق حرية العبادة و العقيدة و المواطنة للأقليات الدينية الكتابية الموجودة فيها  , و ألا يظلم أحدهم مثقال ذرة , ليس بقوة القانون فحسب و و لكن تعبداً و تديناً و قربة إلى الله.

ثانياً / في عقيدة المسيحي  فهو يؤمن أن المسيح مملكته ليست من هذا العالم . . حيث تنسب إليه الأناجيل الحالية أنه قال «مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا».. . فهي مملكة روحية . .

و من ثم فالمسيح نفسه جاء لبني إسرائيل و هم تحت حكم الحكم الروماني (( الوثني )).

و الأناجيل الموجودة حالياً بين أيدي المسيحيين - و الذي يعتقد المسيحيون في صحتها و يختلفون مع المسلمين حول مسألة تحريفها و التي ليست محل نقاشنا الآن  - تنسب للمسيح عليه الصلاة و السلام  أنه لم يأمر المؤمنين به أن تكون لهم دولة يحكمون فيها بالمسيحيين , بل على العكس . .ينسب إليه في الأناجيل الحالية أنه حينما سئل عن الجزية قال «أعطوا إذا ما لقيصر لقيصر وما لله لله». . و يؤمن المسيحي أن تفسير هذا النص أن " انتماؤنا للدولة يقتضينا دفع الأموال للخدمات والمنافع التي نتمتع بها. وانتماؤنا لملكوت السموات يقتضينا أن نقدم لله ولاء نفوسنا وطاعتها." كمابذكر ذلك أحد اشهر كتب التفسير المسيحية تعليقاً على النص . .

فالمسيحي لا يؤذيه في دينه أن يحكم بأي شريعة أخرى . . طبقاً لكتابه و عقيدته . . فالموانع عن هذا منتفية عنده .

أما المسلم . . فعقيدته . . تجعل من المؤذي له في دينه . . و المعطل لكثير من شعائره قبل شرائعه . .أن يحكم بغير ما أنزل الله .

و أختم لك بأنه لو لم يكن هذا حال حتمية تطبيق شريعة الإسلام . . لكان لليهود عذر - بغض النظر عن قبوله - أن يكذبوا رسول الله صلى الله عليه و سلم  . . لأن النبوءات التي عندهم عن الرسول صلى الله عليه و سلم كما هي مترجمة بألسنتهم إلى يومنا هذا في الكتب الحالة الموجودة بين أيديهم أنه " تنتظر الجزائر شريعته " و في بعض الترجمات " تنتظر الأمم شريعته " . . كما أنه " عن يمينه نار شريعة لهم "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق