15‏/01‏/2017

لأنهم ولدوا على نفس الأرض . .

ما رأيك في من يرى أنه هو كل من ولدوا معه على نفس الأرض هم أفضل و أعظم جموع البشر لا لشيء . . إلا لأنهم ولدوا في هذه الأرض؟

هذا ما قدمته لنا الدولة القومية الحديثة ، والوطنية بمفهومها الغربي الشوفيني بامتياز كبديل لأخوة الاسلام . . 

إنها حماقة وجهالة في مواجهة عبادة . .

تجعل الفاسق بل و غير المسلم الذي هو من جنسيتك أقرب إليك من المسلم الذي هو من جنسية أخرى . .

و تخالف قول الله « إنما المؤمنون إخوة » . .

و الكارثة أنها تسللت لوجدان كل الشعوب الاسلامية و لا أستثني ، فكل منهم يرى نفسه و شعبه من جنس فريد ، مميز و كأنه مصطفى من الله بصفات فذة ليست في غيره .

ان تشترك كل شعوب العالم المسلمين في ذاك . . فهذا شأنهم لكن ان يقول هذا مسلم ؟!!
فهذا يحتاج إلى وقفة . .

إن حب الاراضي التي نشأنا فيها هو أمر فطري ، لا يحتاج لإلحاح و تنظير ليصبح فكريا ، ثم يتطور ليصبح امرا اشبه بالعقيدة يوالى و يعادى عليه ، بل و يستدل عليه استدلالا يفتري على الله و رسوله الكذب بتأويل ممجوج للنصوص لصرفها عن سياقها كالذي يستدل بنص « الأقربون أولى بالمعروف » و الذي يستدل بما نسب للنبي من اقوال عند هجرته من مكة إن صحت رغم ان هذه النصوص وغيرها تشهد بفساد استدلاله . .

فطري هو ان تحب المكان الذي نشأت فيه و حمل خطواتك الأولى ، و عبادة هي ان تحب له الخير و النماء ، و تحب ان تدعو فيه لنشر فيه معاني الخير التي هي في الدين و فضائله ، وتكره ما يسوء او يعكر صفوه وتسعى دوما لسلامته و امنه لا سيما انه أرض إسلام .

لكن ان ترى مجرد الانتماء لارض سبب فخر و ترفع و عصبية ، فذاك هو النتن بعينه ، دعوها فانها منتنة .

10‏/01‏/2017

كاد قلبي أن يطير ؟


القرآن مليء بالأدلة العقلية الموجهة إلى عقل الكافر بالقرآن و برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم , فهي تقوم بالمحاججة العقلية وإثبات العقائد بشكل فريد في عمقه , فريد في قوته و حسمه , فريد في تأثيره.
فهي ليست محاججة باردة خالية من الروح كتلك التي يتناطح بها الفلاسفة و المتكلمين .
بل هي خطاب ذو قوة دافعة عقلية , و قوة تأثير نفسي , تقود العقل للإيمان بسلطان الدليل العقلي و المنطق السوي و البرهان , مع تحريك الوجدان و الروح و خلق حالة من الإجلال النفسي للعقيدة , ثم ترتب على هذا الإيمان منهجا سلوكيا إصلاحيا للكون . .
هي ليست محاججة مبنية على التشدق بالاصطلاحات الفسلفية و الممحاكات المتذاكية التي تسلك للبرهان أبعد الطرق و أوعرها لإشباع رغبة في التذاكي و التعالم , بل هي عجيبة في منهجها ينتفع بها الجميع على اختلاف ثقافتهم و عمقهم و ذكائهم و ميولهم , بشرط أن لا يغلقوا دونها عقولهم .
هي مثل الهواء يدخل لأجسام البشر , فتستمر به بإذن الله الحياة دون ن تشعر , سواء كنت تعلم عن الأكسجين و العمليات البيوكيميائية داخل جسمك , أو لم تكن تعلم , لكنك بها بإذن الله تسمتر حيا , إلا أن تخنق نفسك , لتمنع دخلو الهواء , أو تتلف رئتيك بمرض.
اقرأ إن شئت على سبيل المثال القليل . .
" أم خلقوا من غير شيء ؟
أم هم الخالقون ؟
وخلقوا السماوات والأرض؟
بل لا يوقنون "
إن هذه الآيات هي مدار طائفة من أحكم و أروع الاستدلالات العقلية التي يطيل فيها المتكلمون النفس , و يسلكون فيها مسالك غاية في التعقيد , ذات مقدمات و تطويلات اصطلاحات و شروحات .
فلا ينتفع بها إلا من له علم بهذه المسالك , فقط حتى يصل المخاطب للاقتناع , بغير أن يكون قوة محركة له مثيرة لكمائن إجلال الله في نفسه . .
قارن هذا بما تحدثه هذه الاية في نفسك . . أو في نفس رجل من غير ذوي الفلسفة و الاطلاع في مسائل المنطق , مثل ذلك الرجل الذي ذهب إلى المدينة مشركا فسمع الآية فتسللت لعقله و نفسه عنة لا فقط بما تحتويه من إقناع , بل بما تحويه من أثر بالغ و حياة . .
هذا الرجل هو جبير بن مطعم الذي ذهب لمدينة مشركا ليفاوض على أسارى بدر، فلما وصل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالمسلمين المغرب , فسمع جبير قراءة النبي في الصلاة قائلا
" سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية
"أم خلقوا من غير شيء ؟
أم هم الخالقون؟
أم خلقوا السماوات والأرض؟
بل لا يوقنون
أم عندهم خزائن ربك؟
أم هم المسيطرون؟
يقول جبير واصفا ما أحس به عن دسماع هذه الآية و هو يومئد على الشرك :
" كاد قلبي أن يطير "
[البخاري، 4854].