22‏/06‏/2014

تأملات في حادثة الفيل - بقلم / رحاب صبري


حادثة في أعلى درجات التوثيق , حتى لغير المؤمن بالقرآن شريطة أن يكون عاقلا موضوعيا.

و تستمد هذه الحادثة ثبوتيتها و درجة توثيقها من عدة مصادر لا تتوفر لمثلها من أحداث التاريخ التي نتعاطى معها كحقائق , و ذلك لأنها :

(1) ورودها في القرآن , كتاب الله , المنقول بالتواتر .
(2) معلوم أنها كانت في العام السابق لميلاد النبي صلى الله عليه و سلم مباشرة , و شهدها كثير من المسلمون قبل إسلامهم , و كذلك رآها المشركون بأعينهم . . و في وجود هؤلاء و هؤلاء نزل القرآن بها .
(3) أرخ بها القرشيون لأحداثهم , مسلمهم و كافرهم , فكانوا يقولون ( العام الثالث من حادثة الفيل , قبل عام الفيل بعامين ..... ) و ظل هذا هو الحال حتى أرخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهجرة النبي و هو ما بات يعرف بـ ( التقويم الهجري ) .

لذا لا يمكن لعاقل أو غير عاقل إنكارها إلا على سبيل الهلوسة . .

و لو استطاع أحد تكذيبها لكذبها المشركون أنفسهم !!!!

و لما آمن من آمن من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم الذين كانوا يكبرونه سنا , و أدركوا حادثة الفيل بأنفسهم , و الذين يصغرونه سنا و أدرك آاؤهم الحادثة.

لكن حدوث هذه الأمر الخارق للعادة , و هو أن يقوم جيش من الطير بحجارة صغيرة - بإذن الله - بإبادة جيش فيه فيلة و رجال و عتاد و سلاح . .

لأمر يحتاج إلى تأمل . .

لذا فهذه الحادثة وحدها كفيلة بأن تكون باب الدخول في الإسلام , لمن لا يؤمن بالقرآن بالكلية بل و لا يؤمن بالأديان أصلا , بل و لا يؤمن بالإله , لو أنه فكر بالعقل و لم يتعامى . .

لأنها - و الله أعلم بمراده - دليل على أحد أمور كلها يصب في مصلحة الإسلام و هي :

(1) و جود إله عظيم قادر أعطى هذه الطيور الصغيرة القدرة على هزيمة جيش ضخم فيه فيلة .

(2) أن الله دافع عن مكة . .
و إذا سألت نفسك عن السبب . . قلت قد يكون هذا لأي من الأسباب التالية أو لغيرها أو لجميعها . . و في كل لأحوال هو شهادة للإسلام :

- لأن بها الكعبة ( التي هي ليست قبلة لأحد من الناس إلا المسلمين )

- أو  لأنها مكان بعثة نبيه صلى الله عليه و سلم . .

- أوكلاهما . . أو غير ذلك . .

و كل الاحتمالات المطروحة تصب في مصلحة الإيمان بالله و برسوله و بالقرآن . .

لا سيما إذ التفت غير المسلم إلى هذه الحقيقة الهامة . . 

أن ميلاد النبي كان بعد حادثة الفيل .


أكرر . . و الله أعلم بمراده . . يعلم ما في نفوسنا و لا نعلم ما في نفسه .

قال ابن كثير في تفسيره: " كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فإنه في ذلك العام وُلِدَ على أشهر الأقوال، ولسان حال القدر يقول: لم ننصركم ـ يا معشر قريش ـ على الحبشة لخيريتكم عليهم، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، خاتم الأنبياء "

========

لكن القرآن في سورة خاصة مفردة , يذكر الحادثة , و ينسب هذه الحادثة بشكل قاطع إلى الله . .

و هو القرآن نفسه الذي ينسب رسالة النبي محمد صلى الله عليه و سلم إلى الله عز وجل . .

فالله الذي أرسل طيرا على أبرهة و جيشه وهم يغزون الكعبة . .

هو الذي أنزل القرآن . .

قد يقول قائل . . وربما لا !!!

أقول أليس - الذي نقذ مكة من جيش أبرهة - بقادر على إنقاذ البشرية ببيان أن هذا القرآن - حاشا لله - ليس كلامه , أو أن النبي - حاشاه - قد افتراه ؟؟!!

بلى إنه قادر . .
و لكنه كلام الله . . و محمد رسول الله . . .

و المعجزات من إخبار بالغيوب الماضية التي لا يستطيع متبحر في علوم التاريخ و مقارنة الأديان أن يعرفها و لا بدراسة متفرغة لعقود . . و كل هذا على لسان نبي أمي لم يقرأ كتابا و لم يخطه بيمينه . .

و الإخبار بالغيوب المستقبلية القريبة و البعيدة التي منها ما حدث في حياة النبي صلى الله عليه و سلم مثل ( انتصار الروم على الفرس في خلال اقل من تسع سنوات من نزول الآية و قد كان - و مثل فتح مكة و هيئة المسلمين و هم داخلوها .... )
و إخبار بالغيوب العلمية التي لم يكن أحد من اهل الأرض يعلمها ( مثل التكوين الجنيني للإنسان , و غيرها كثير .... )

و المعجزة البلاغية التي لا تضاهى . .

و معجزة التأثير في النفوس الذي جعل مشركي مكة يقولون عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه ساحر . .

و غيره مما لا نعلم و يعلم الله عز وجل . .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق