27‏/12‏/2012

الحل في كلمتين - بقلم / رحاب صبري

إن المتأمل للساحة السياسية و الاجتماعية المصرية يجد أن المرضين الأساسيين اللذين كادا أن يهدد بل و يدمرا السلم الاجتماعي بعد الثورة , بل و كادا ان يحولا مصر إلى " مجتمع الغاب " هما :
أولا / التفرق و التشرذم :
و ذلك تحت عنوان براق هو " التعددية الحزبية و الفكرية " , التي كنت قد كتيت عنها في مقال سابق بعنوان " مراقب أم وحوش " أقول :
"ي نظام الشورى تكون اﻷمة مراقبا بألف رأس في مواجهة استبداد الحاكم و يكون هدفها منع الحاكم من الظلم الذي يكون له مقياس موحد هو الخروج عما قرره الاله من العدل فلا تتنازع الأهواء المجتمع و لا تفتته إذ لا يرى كل منهم ما يوافق هواه عدلا و قسطا و ما خالفه ظلما و جورا .

أما في التعددية الحزبية الديموقراطية تصبح الأمة ألف وحش تتصارع ليصبح كل منها الوحش الحاكم فيمزق حلم السلطة التحام المجتمع و يزرع عداوات و بغضاء لا ينبغي إلا أن توجد إلا في قلوب الساعين للسلطة .

و ما حدثت الفتنة في أمة الإسلام إلا مع أول صور للتعددية الحزبية و التحزب حول فكرة أو رأي ، حتى لو كان هذا الرأي رأيا شرعيا .
ما أحوج بلادنا إلى اللحمة المجتمعية خلف بعد أن كادت التيارات و الأحزاب تعصف بالسلم الأهلي لهذا المجتمع الطيب .

أنا أشهد أن التمايز على مستوى الشعب المصري ليس تمايزا دينيا . . و إن كان كذلك في بعض النخب . . فلماذا يتم التشرذم حول آراء ؟؟؟
بل و يصل الأمر إلى حد الدماء . . "

و هذا المرض الذي يصاحبه دائماً عرضان أو ظاهرتان اكثر خطورة هما :
أ - ظاهرة التعميم :
( الذي يتعامل مع المجتمع ككتل صلبة و ليس كأفراد , و يضع كل فرد على أساس مظهره أحيانا أو ربما على أساس رأي أو حتى كلمة يقولها في قالب مصنوع مسبقا في ذهن صاحبه ليسقط عليه كل مواصفات هذا النموذج , و ينسب إليه عادة كل نقائص هذا النموذج و يجمع في الشخص كل عيوب أفراد هذا النموذج أو الصورة الذهنية على تفرقها في هؤلاء الأفراد )

ب - ظاهرة الرموز المعصومة المقدسة :
( و رغم أن اللفظ قد يشي خطأ بأنني أعني رجال الدين في المسيحية و الشيوخ في الإسلام , إلا أنني أجد أن هذه الظاهرة , و إن ظهرت فعلاً في بعض التيارات و الجماعات الإسلامية , إلا أن الظاهرة تبدو أكثر استفحالا للمتأمل المنصف في صفوف ما بات يسمى " التيار المدني " , ابتداءً من النخب التي اصبحت تقدس رموزاً مثل جون لوك و مونتسكيو إلى ""الأتباع"" الذين يتخذون مواقف تبريرية دائماً لأفعال الرمز , فلا يتحمل البرادعاوية مثلا أن يقال أن البرادعي قد أخطأ , و لا يتحمل حازمون أن يقال يقال أن حازم قد أخطأ )
و لكن حتى لا نسقط في التعميم الذي هو من سمات المرحلة نقول أننا نتحدث عن نموذج بعينه سميته " الأتباع " . . و من كان له بصر فليفهم .

ثانيا / التسليم الأعمى للإعلام الفاسد:
حيث يكفي لكي يعمل أحدهم كأبشع بوق لنشر الشائعة أن يسمع ذلك المذيع أو تلك المذيعة الذي يثبت كل يوم أن الخبر الذي ذكره في اليوم السابق كان كاذباً , و لا يكلف نفسه حتى مشقة الاعتذار أو نشر التكذيب .
و هنا تنهال الهمسات و الشير و الريتويت حتى يصل الخبر لأعلى درجات التناقل الجماعي في دقائق .
غير أن الغريب في الأمر أن تكذيب الخبر لا ينتشر بنفس سرعة انتشار الخبر و لذلك عدة أسباب أهمها عدم اهتمام هذه النوعية من إعلاميي " الشوبش و السبوبة " بنشر التكذيب , و من ثم لا يصل التكذيب إلى من قتحوا أغطية عقولهم أمام نفايات هذا الإعلامي و فتحوا أفواههم أمامه في غير انتقائية .
كما أن من يسعون للترويج لهذه الأكاذيب هم من يخدم الخبر عادة وجهات نظرهم , لذا عندما يأتي التكذيب لا يقومون غالبا بنشر التكذيب أو على الأقل لا ينشرونه بنفس الحماسة .
و هنا تضيع الحقيقة , و تصبح الكذبة هي الحقيقة الوحيدة المصدقة , فيصدق الكاذب و يكذب الصادق و يخون الأمين و يؤتمن الخائن . . و يتكلم الرويبضة .

و هنا يشعر الإنسان كم اننا نصلي لهيب البعد عن السبب الأهم و الأعظم في تحضر الشعوب و إنسانيتها , ألا و هو التعليم الإلهي الذي لو اتبعناه لفوتنا الفرصة على تجار العقول و الأعراض , و مريدي الشرور بأمتنا .

إن العلاج في موضعين في كتاب الله عز وجل فتأمل :

" و لا تفرقوا " ..... و " فتبينوا "

الحمد لله على نعمة الإسلام .