25‏/02‏/2017

حديث العرينيين . . دلالات العدل و النبوة

يشغب بعض الطاعنين في الإسلام على المسلمين بحادثة العرينيين الذين جاءوا غلى المدينة مسلمين فأصابهم مرض في المدينة فأمر  النبي أن يخرجوا لكي يتداووا بأبوال و ألبان إبل الصدقة , حتى برأوا من المرض و صحوا , فارتدوا و فقأوا عين الرعاء القائمين على الإبل و قتلوهم و تركوهم في الصحراء و سرقوا الإبل و فروا . .
فحكم عليهم الرسول صلى الله عليه و سلم بما يلي في الرواية الصحيحة

أولا / صحة الرواية :
الرواية " الكاملة التي لا يذكرها عادة من يورد ون الإشكال " صحيحة لورودها كاملة  في البخاري و مسلم .

و هذه هي الرواية :

" قدم رهط من عرينة وعكل على النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتووا المدينة، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: 
"لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها" ففعلوا، 
فلما صحوا عمدوا إلى الرعاة فقتلوهم، 
واستاقوا الإبل، 
وحاربو الله ورسوله، 
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم، 
فأخذوا فقطع أيديهم، وأرجلهم، وسمل أعينهم، 
وألقاهم في الشمس حتى ماتوا".
( رواه البخاري و مسلم )
و نقل مسلم في صحيحه عَنْ أَنَس رضي الله عنه أنه قَالَ: " إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ ، لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ 
( مسلم - 1671)


ثانيا / بيان ما أشكل على السائل فهمه :

لن تجد عقوبة عاقبها لهم النبي إلا و لها أكثر من سبب يكفي كل منها وحده بإنزال هذه العقوبة بهم  . . فما بالك و قد تحقق في كل عقوبة منها سبب و أكثر من سبب أحيانا و إليك التفصيل . .

     أ- 
أمر بقتلهم  . . و قد فعلوا جريميتين اي منهما يوجب القتل في الإسلام ( و هما قتل رعاة الإبل – و في بعض الروايات أنهم ارتدوا عن الإسلام ).

     ب-
 سملوا أعين الرعاة . .  فسمل الرسول صلى الله عليه و سلم أعينهم بالمثل .

    ج- أمر  
" أن تقطع أيديهم ورجلهم من خلاف " . . و قد فعلوا جريمة الحرابة  و هي محاربة الله ورسوله و قطع الطريق على المسلمين و سرقة المال العام للفقراءء فاستحقوا هذه العقوبة التي قررها الإسلام على الحرابة عدلا . ( و لا إشكال في ذلك إن كان هم سبب نزول  الحكم أم نزل الحكم قبلهم أم بعدهم . . القضية أنه حكم موافق لشريعة اللإسلام في من يفعل عذا الفعل ) . .
كما أنه 
من ا لمحتمل أنهم فعلوا هذا بالرعاء قبل قتلهم .
فيصبح لدينا هنا 
جريمتان تكفي واحدة منهما للحكم بهذا الحكم .
  
   د- 
" تركهم في الصحراء حتى يموتوا " . . و هم قد فعلوا أكثر من جرم آخر  يجد العقل أن أيا منهم وحده مستحق لهذه العقوبة  , و الله أعلم بمراد وحكمة نبيه طبعا ,  . .

 فلقد آواهم و عالجهم من مرضهم الرسول صلى الله عليه و سلم مع رعاء إبل صدقة المسلمين ,  فلم يراعواذلك  بل خانوا من أواهم و من قاموا على خدمتهم و علاجهم في مأواهم هذا و مشفاهم ‘ فحق لهم  أن ييموتوا في الصحراء  بلا مأوى و بلا معالج لهم .

كما أنه يبدو من سياق القصة و الله أعلم أيضا أنهم بعد أن سملوا أعين الرعاء و اصابوا منهم ربما  تركوهم كلهم أو بعهضهم جرحى لا يملكون طريقا و لا مداويا حتى هلكوا  في الصحراء و الله أعلم .


ثالثا / الخلل في محل الشفقة  هو رحمة مصابة بالحول 

 إنه 
لجدير به أن يراجع مقاييسه و حسن وزنه للأمور ذلك الذي لم يشفق على رعاة أبرياء موكلين على أموال الفقراء قتلهم خسيس و سمل أعينهم و تركهم يموتون في الصحراء بغير ذنب جنوه إلا أنهم أحسنوا إليه وهم لا يظنون به أنه خائن مجرم لا يستحق . . في حين لم ير أن ما فعله بهم المجرمون يجب أن يُفعل نفسه و أكثر ربما بالمجرم الذي يندى لجريمته جبين البشرية من خسة و حقارة و خيانة و غدر . . 

صورة من المقدمة التمهيدية للموضوع على أرشيف موقع مجلة العلوم الأمريكية

رابعا / الحديث من أدلة النبوة : 

 في الحديث دليل عقلي قطعي على نبوة النبي صلى الله عليه و سلم متمثل في إخباره صلى الله عليه و سلم بالعلاج بأبوال الإبل و ألبانها و بأنه حدث به الشفاء من المرض لهؤلاء العرينيين , حتى صحوا و قووا , بل و بلغ من قوتهم أن تمكنوا من أن يسملوا أعين الرعاه و  يقتلوهم و يسرقوا إبل الصدقة الخاصة بفقراء المسلمين  .

و معلوم أنه كما ورد في رواية لمسلم و النسائي أنهم كانوا مصابين بالاستسقاء حيثوصف المرض الذي أصابهم كالتالي  " قالوا: إنا اجتوينا المدينة فعظمت بطوننا، وارتهشت أعضاؤنا " ( مسلم )

و لم يزل ابوال و ألبان أعظم علاج معروف للاستسقاء و لغيره كثير من الأمراض و أكثر تأثيرا من العلاجات الكيميائية و بلا آثاء جانبية لما لأبوال الإبل دون عن بقية الحيوانات و ألبانها من صفات خاصة , شاء من شاء و أبى من أبى الواقع يشهد و العلم يشهد.

و هذه روابط به وثائقي لقناة الجزيرة عن الموضوع
https://www.youtube.com/watch?v=b1j0Mxrn3Ho
https://www.youtube.com/watch?v=i0oiPyg1gGM

و في 1 أغسطس 2005 نشرت مجلة العلوم الأمريكية ( المجلة العلمية الأشهر و الأعرق ) مقالا بعنوان ( الأجسام النانو )و يتحدث عن الأجسام المضادة التي يتميز بها الجمال و اللاما ( و اللاما من عائلة الجمال ) و التي تمتلك فعالية خاصة في علاج مدى واسع من الأمراض.



خامسا / اقرار المخالف بقتل النبي للعرينيين يستلزم الإقرار ببقية الخبر :

فإن أقر المخالف بقتل النبي للعرينيين ,  فلابد أن يقر ببقة القصة و إلا كان هذا استدلالا انتقائيا , لذ يتحتم عليه احتراما لنفسه و عقله أن يقر لنا بأن :
* الرسول كان كريم الخلق أكرم هؤلاء و لم يبخل عليهم .
* رحيما بهم قبل أن يخونوا و يقتلوا و يعذبوا الرعاء إذ عالجهم من إبل الصدقة و لم يتركهم مرضى
* حسن النية صافي الظن فلم يرسل معهم حراسة لتحرس إبل الصدقة منهم .
* الرسول أخبر هؤلاء بما فيه شفاؤهم , و بأنهم تم شفاؤهم بما أخبرهم به , و بأن هذا من علامات نبوة صلى الله عليه وسلم , لا سيما إن ضممنا إليه سيل من علامات النبوة الأخرى , التي يستحيل أن تجتمع في غير نبي . . سواء إخباره بالغيوب التي حدثت كما أخبر بها و هي كثير , و عظمة خلقه و شهادة أصدقائه و نسائه له حيا و ميتا بأنه كان أعظم الناس خلقا و دينا و كرما و رحمة , و إعجاز التشريع الذي نزل به , وغيره و غيره و غيره ....
و بعض تفصيل ذلك في المقال  التالي
العقل يشهد للإسلام

لذا فإن السائل إن اتسق مع نفسه عليه أن يقوم موجها وجهه للذي فطر السماوات و الأرض قائلا " اشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق