غلاف كتاب مشكلة الفلسفة الديموقراطية لـ/روس هاريسون |
تحذير:
إن كنت من الذين يلغون عقولهم أمام ما لقن لهم فلا تقرا هذا فهو ضار على استقرارك النفسي , و إن كنت من الذين يحملون عقلاً منفتحا , فلتقرأ فإن وجدته حسناً قبلته و إن وجدته غثاً تركته و أنت أكثر ثقة بما أنت عليه .
إن الديموقراطية ابداً لم تكن عكس الديكتاتورية , و تصنيف الأنظمة الحاكمة إلى نظم ديموقراطية و نظم ديكتاتورية . . هو أكبر خدعة في تاريخ الفكر السياسي . . و أي دارس للفكر السياسي يعرف هذا الكلام .
في أكبر خدعة في العصر الحديث , تم التسويق للديموقراطية كـ (( وثن العدل )) أو (( إالوثن الممثل لإله العالم السياسي )) - و أصبح له سدنة و رهبانا و دراويش , ألغوا عقولهم بخصوص مجرد التفكير أو التأكل في الديموقراطية و صلاحيتها كنظام سياسي , و تحت وطأة الترسانة المسلحة اللإعلامية الغربية انتقل هذا التأليه للديموقراطية إلى عوام الناس .
حتى أن بعض الاصطلاحات المرتبطة بالديموقراطية مثل التعددية الحزبية و المواطنة و غيرها أصبحت عند الناس دين أكثرقداسة عند بعضهم من دينه , فهو يتناول الشريعة الإسلامية التي يجهلها بالنقد و التجريح و لا يستطيع أن ينتقد أي مبدأ من مبادئ الديموقراطية التي لا يعرف عنها إلا مسمياتها أحيانا .
و هو ما جعلها وثنا , إما أن تؤمن به جملة و تفصيلا , و لا تجادل و لا تناقش في أمر الديموقراطية يا أخ علي ,أو يتم إخراجك من جنة المؤمنين بالعدالة المزعومة إلى نار أنصار الاستبداد الموهومة , وسط حالة من هياج دروايش الديموقراطية و كهان طلسماتها .
ولم يكن يجرؤ أحد هؤلاء حتى القرن الماضي على ممارسة هذه الطقوس , غير أنه بعد انتصار الغرب أطلق آلته الإعلامية , و أقزامه النابحة من أبناء أمتنا , هذه الأقزام التي تربت على الأقزمة الفكرية و النفسية , فعشقت الإلتهابات الرئوية و القاذورات المعوية التي عند الغربيين لأنها في أعينهم تمثل الحضارة .
فسخر الغرب آلته الإعلامية الرهيبة و دراويشه الأقزام التي أخذتهم حالة الوجد بكل ما هو غربي , ليفرض الديموقراطية فرضاً على العالم و كأنها ضد للاستبداد , و هي ليست كذلك .
يقول روس هاريسون و هو مفكر سياسي بريطاني معاصر - و ليس إسلامياً بالمناسبة - في كتاب الديموقراطية الصادر في لندن 1995في مقدمة الكتاب ص 3 (( إذا أدخلنا الديموقراطية اقتراعاً ديمقراطياً بحصر عدد من يؤيدها وعدد من هم ضدها من المفكرين " السياسيين " ، لخسرت الديموقراطية " بجدارة " ))
[ للأمانة بس بجدارة دي من عندي :) ]
إن الديموقراطية هي نظام شديد السطحية في تصوره , و شديد الفشل في تطبيقه , لدرجة أنه عندما يطبق ينتج عنه أي نظام حكم بل و كل نظام حكم استبدادي , و ابداً لا يحكم الشعب نفسه .
فنظام غير قدر على توفير الحد الأدنى من هدفه , و هو حكم الشعب , اي سذاجة تكون هي قوامه .
ناهيك عن الأمراض التي تصيب الديموقراطية فهي نظام هش المناعة , ثغراته تفوق هيكله مساحة .
و ما ظاهرة تزاوج المال و السلطة إلا أحد أهم الأمراض الحتمية للديموقراطية , لتنتج ما أسماه الدكتور رفعت المحجوب رحمه الله و غفر له و من بعده بول هيرست استاذ النظرية الاجتماعية بجامعة لندن بظاهرة ( القطط السمان ) , حيث تزاوج المال و السلطة , فالمال ببساطة يملك الإعلام الذي يصنع الراي العام فيجذب نحوه السلطة ليحدث شكل جديد من اشكال الاستبداد يسمى ( الأوليجارشية ) أو استبداد الأقلية . . و الأقلية هنا ليست أقلية عرقية أو إيديولوجية . . و إنما أقلية " أصحاب المال و السلطة " , كما تستدعي السلطة مزيداً من الأموال , لتزداد القطط السمان سمنة .
إن الدعوة إلى الطريق الثالث التي ينادي بها عالم الاجتماع / أنتوني جيدنز لهي بمثابة " شهادة وفاة " للممارسة الديموقراطية على أرض الواقع في العالم الغربي , سواء الديموقراطية الاشتراكية أو الديموقراطية الليبرالية .
و أرفض تفسيرها على أنها طريق بين الراسمالية و الاشتراكية فهو تفسير مضلل ضحل .
فالرجل يحاول عمل بعث للحلم الديموقراطي المثالي , الذي لم و لن يطبق على أرض الواقع .
و ما أكثر الأدلة على ذلك في بريطانيا و أمريكا تحديداً سيدتا العالم الديموقراطي , و الأقرب من النموذج الديموقراطي .
بل و حتى في المؤسسات الدولية , التي لا يعدوعدد اعضائها المئات , تثبت الديموقراطية فشلها .
إن شئت مثلاً لذلك في أرقى المؤسسات التي من المفترض أن تجمع الدول الديموقراطية في العالم , انظر إلى مؤسسة الأمم المتحدة , و هي مؤسسة تدار على الطريقة الديموقراطية مبشرة بالديموقراطية العالمية , إن مذابح يندى لها جبين الإنسانية لا تستطيع كل دول العالم أن تستصدر منها بيان " شجب " . . لأن القطط السمان . . ترفع الفيتو .
إن الديموقراطية هي نظام فاشل في فكرته . . فاشل في تطبيقه . .
و هذا ما سنبينه إن شاء الله في المقالات القادمة . .
بارك الله فيكم ، كلام رائع وفهم راقي وواعي
ردحذف