08‏/12‏/2013

أهل الحل و العقد . . تصور معاصر ( مبدئي ) - بقلم / رحاب صبري

الديموقراطية لا تعبر عن رغبات الشعوب الواعية , و لا عن الرغبات الواعية للشعوب , بل عن رغبات يوجهها رأس المال باستخدام سلاح الدمار الشامل الإعلام , الذي يستطيع صياغة رغبات و أفكار الأغلبية العظمى من اي مجتمع .
لذا تجلب الديموقراطية (( السلطة )) إلى من يملك (( رأس المال )) قيخدم أعماله باستخدام سلطته لتكون الظاهرة الحتمية المصاحبة للديموقراطية هي ظاهرة (( تزاوج المال و السلطة )) و تكون ما يسمى باسم " ظاهرة القطط السمان" .

طريقة الانتخاب بالاقتراع المباشر تمثل ردة ثقافية إلى عصور ما قبل التاريخ , تذكرنا بطريقة الافتراع الساذجة في إكلازيا أثينا , لقد وصل كثيرون من المفركرين السياسيين غلى هذه النتيجة و هي تهافت لديموقرطية حتى كتب أحدهم و هو ( هيرمان هوب ) كتابا بعنوان " الديموقراطية , الإله الذي فشل " ,   * . .
لقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية الفكاك من هذه الطريقة التي هي اقصر طريق نحو " تصويت من لا يعرف . . لمن لا يستحق " و ذلك عن طريق فكرة المجمع الانتخابي . . التي هي صورة مشوهه من فكرة " أهل الحل و العقد " و هي أحد صور الشورى في تاريخ الإسلام التي لا ترقى إليها ديموقرطية نيابية في العالم . . فضلا عن الديموقراطيات المباشرة .
فإن في نظام الشورى في الإسلام هناك ما هو ارقى من المجمع الانتخابي الأمريكي . . حيث أنه في أحد الصور و البدائل التاحة في نظام الشورى , أن أهل الحل و العقد ( أو المجمع الانتخابي الإسلامي ) يختارون , و اختيارهم للحاكم لا يعتبر تعيينا . . و إنما ترشيحا . . ثم يعرض المرشح على الأمة . . و لا يصير حاكما إلا بعد أن تقبله الأمة بالبيعة . . و هنا رأي احاد الأمة . .
ما الحل إذن ؟؟قبل ان اسرد تصوري الشخصي - و أكرر الشخصي - للحل أحب لفت الانتباه لنقطتين مهمتين جدا:1- بداية لا بد أن نعرف أن الديموقراطية ليست هي ( الانتخابات ) فالانتخابات في مفهومه المبدئي و هو التشاور استطلاع رأي اي جماعة في أمر ما و لو على سبيل الاستئناس هو آلية و لدت مع مولد الإنسان و هو سابق على الديموقراطية .فهاهو القرآن يسجل لنا مثلا هذه الآلية في قوله تعالى " و لما ذهبوا به و أجمعوا أن يجلوه في غيابة الجب ..." فهم قد تشاوروا ثم وصلا لإجماع فبعد أن قالوا " اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا " قال أحدهم " لا تقتلوا يوسف و القوه في غيابة الجب  ثم أجمعوا على ذلك ونفذوا .و ها هو فرعون يقول مستخفا المحيطين به " قَالَ لِلْمَلإٍ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ " . . و من المعلوم أن هذا كان قبل الديموقراطية الأثينية . . المهم أن آلية التصويت سبقة على ميلاد الديموقراطية , ومن ثم فهي ليست الديموقراطية , و لعل هذا ما يعترف به الديمقراطيون أنفسهم كلما جاءت الانتخابات بالإسلاميين أن الديموقراطية ( ليست الصندوق و حسب ) لأن الديموقراطية منظومة قيمية متكاملة لا تعرف مقدسات سوى (( الشعب )) حتى أنها اتخذت أحيانا موقفا عدائيا محتجبا من آلهة أثينا محل نشأتها و هذا واضح في بعض تلميحات صولون .
2- لم ترد في نصوص القرآن أوالسنة آلية أو صورة ملزمة للشورى التي أمر الله عز وجل بها النبي .
إنني شخصيا - و هذا رأيي - لا أرفض فكرة الانتخاب . . أنا ارفض الديموقراطية كمنظومة .و إذا أقررنا فكرة أهل الحل و العقد و أكرر أن الإسلام في علمي لم يفرض صورة معينة للشورى فتكون الآلية في نظري تشبه إلى حد ما آلية اختيار الرئيس في أمريكا بولسطة ((المجمع الانتخابي)) و ليس بواسطة الشعب , و لكن مع تعديلات . .
بمعنى إن كل فئة من فئات الدولة المهنية يتم الترقي فيها على أساس الكفاءة و الخبرة , و يكون لها مجلس يقوم هذا المجلس باختيار واحد أو أكثر من افراده تنطبق عليهم شروط صارمة تتلخص في (( القوي الأمين )) . .
و يتكون مجلس من هؤلاء المختارين و معهم لجنة من العلماء المعتبرين المختارين بواسطة هيئة العلماء بنفس الطريقة .
ثم يقوم هذا المجلس باختيار عدد من الوجوه البارزة في المجتمع من غير المنتمين لهذه الهيئات بنفس الشروط .

و بعد ذلك يقوم هذا المجلس بالاجتماع لاختيار شخصية للرئاسة بشروط مخصوصة يجب توفرها , و بعد تدارس و مشاورات , و يكون اختياره من داخل أو من خارج المجلس بشرط عدم ترشيح أحد لنفسه . . و عدم قبول ترشيح اي أحد لا تتوافي فيه المواصفات , و يقوم كل واحد منهم بكتابة من يرشحه مع بيان حيثياته في شكل دراسة موثقة , و من يجتمع عليه عدد أكبر من الناس يكون هو (( المرشح لحكم البلاد )) .

و إذا كانت النسب متقاربة يكون لدينا مرشحين .

ثم تطرح الانتخابات للأمة لتختار أحدهما أو تقر المختار , و يكون هذا الإقرار الجماعي هو (( البيعة )) العامة .

و هذه الطريقة في تقديري تجنب الأمة عدة مزالق هي :
1- أن الحاكم لا يعرض نفسه للتشريح و إنما يتم اختياره للترشيح , مما يقلل من التناحر على السلطة .
2- أن هذا يجعل أهل الفهم و الإدارك و الأمانة و التخصص هم من يختارون من يرونه أصلح للحكم , و ليس هذا تبعا لأهوائهم , و إنما يرفق مع كل اختيار موافقة المختار للمواصفات مقرونة بسوايق أعماله و الوثائق و نحو ذلك , اي أن الاختيار محكم بناء على دراسة , و ليس بناء على حملات (( مدفوعة )) يدفع فيها الأغنى ليسوق لسلعته و تموت فكرة من لا يملك المال , لتندفع السلطة نحو من يملك المال و يحدث التزاوج النكد بين المال و السلطة حيث تولد قطعا القطط السمان .
3- من يملك المال يملك الإعلام و يملك صناعة وعي زائف و اللاعب بأحلام البسطاء ممن لا يملكون دوات التمييز و التحقق , ممن تأتي بهم حلقة توك شو و يذهب بهم برومو إعلاني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ* رجاء مراجعة مقالي الموسوم بـ ( وثن العصر ) على الرابط التالي http://re7absabry.blogspot.com/2012/11/blog-post_11.h