كتبت في مختصر تعريفي عن نفسي على أحد شبكات التواصل ,
( بخصوص وجهات نظري فإنني أتساءل دائما . . لماذا لا أكون خطأ ؟؟) .
فجاءني سؤال على موقع التواصل الاجتماعي ask.fm بعد أن اقتبس من كلامي هذه العبارة قائلا ما نصه:
" حقيقي . . وبدون تجمل هل بتطبق ده على إيمانك؟ "
و لكي أجيب عن هذا السؤال كان لابد أن أفرق بين ( إيمان المسلم ) و ( ووجهات النظر ) و بشكل علمي منطقي . .
لكي يعرف القارئ المحترم أنني حينما أتحدث عن وجهات النظر . . فالإيمان ليس وجهة نظر . .
* الفرق بين الإيمان ووجهة النظر :
الإيمان أمر أوصلتني له قراءتي في كتاب الله عز وجل . . بحجج علقيه قاطعة . .
بينما وجهة النظر هي أمر ظني يفكرفيه الإنسان بناء على معطيات عقله المحدودة . . يحتمل الصواب و الخطأ . .
و لا يجعل وجهة النظر إيمانا إلا متحجري العقول . . الذي لا يغيرون وجهات نظرهم . .
و لا يجعل الإيمان و جهة نظر . . إلا شخص لا يهمه حقيقة وجوده و يزدري مصيره , أو شاك في دينه لأن دينه لا دليل من العقل و العلم عليه و من ثم لم يؤمن بعقله قبل قلبه . .
القرآن و القرآن دون الكتب الأخرى يا صديقي . . يوفر عليك هذا الشقاء . . ( كما سأبين في مقال ي هذا على استعجال )
نعم . . إنه يقدم لي الأدلة العقلية دامغة اليقينية . .
أدلة تجعل إيمانك بعقلك قبل قلبك ربما ثم يجتمع العقل و القلب و الروح على الإيمان جميعا . . إيمان مثل إيمانك أن 1 + 1 = 2 . .
و أن الشخص الآخر ليس هو أنت . .
و أنك تكون في النهار عندما ترى الشمس هناك في أعلى قمة في السماء . . و هكذا . .
فإذا سالتني هل يمكن أن تفترض أن 1 +1 = 2 قد تكون وجهة نظر تحتمل الخطأ أو الصواب ؟؟
أقول لك . . لعلك تمزح . . هذا فضلا عن استسخاف السؤال و إن كان مزاحا . .
و السؤال الأكثر لا معقولية من هذا . . أن تسأل عن إيمان ((مسلم)) هل يحتمل الخطأ .
* رجال من الفضاء :
و الآن تعال نفترض سويا قصة تخيلية تحيد كل أصحاب الأديان . . لنبحث في قضية الدين و نرى أن العقل المحايد . . يقود فقط إلى (( الإسلام )) و لا شيء غير الإسلام . .
تعال لنفرض أن شخصا أو اثنين فائقي الذكاء جاءوا من الفضاء و لا يعلمون دينا وجدوا أنفسهم فاقدين للذاكرة على سطح الأرض لا يذكرون أي شيء , كل ما يملكونه . . عقل و فقط عقل . .
و لنر أن العقل يقودهما إلى الإسلام وحده . . كحتمية عقلية . . ماعداها ضلال . .
دعنا نلخص ما يقود إليه العقل بعيدا عن الشذوذ الفكري الذي تصنعه الموروثات و الأهواء . . في رحلتنا التخيلية مع الفضائيين . .
1- حتمية وجود خالق :
بمجرد أن يفتح هذان الفضائيان عينيهما فيروا الشمس و السماء و القمر و النجوم , و يروا البشر , و يروا الكائنات . .
و يعلموا بشكل أو بآخر أن تركيب هواء هذا الكوكب تحديدا , هو فقط مناسب لتنفس الإنسان الذي هو الكائن الرئيس تحديدا . .
و أن هذا هو الكوكب الوحيد المناسب لحياة الإنسان . .
و أن الغذاء الذي حول الإنسان بكل أنواعه , يغطي نوعيات المواد التي يحتاجها الإنسان دون أن تنقص منها مادة واحدة و هي نفسها التي تهيأ جسمه لهضمها دون سواها !! . .
و أن الماء الذي لا حياة للإنسان بدونه , موجود بوفرة على هذا الكوكب الوحيد الذي جيء بالإنسان إليه . . دون بقية الكواكب . .
هنا يصل العقل السوي لهذين المخلوقين , و لغيرهما إلى سؤال . .
من أوجد هذا كله ؟؟ بهذا الحكمة و التجانس ؟؟
هذا هو السؤال البديهي الأول . .
لا بد من موجد . . و لا بد أ نه حكيم . .
إن وجود خالق للكون هو أمر دل عليه العقل السوي , و لا اقبل السفاهة العقلية التي جعلت بعض البشر تختل عندهم كل القوانين ليقولوا أن هذا الكون و هذه الكائنات وجد من دون موجد . .
و لو أن أحدهم قلت له أن موقع التواصل ask هذا مثلا ، أو هذه الكلمات تألفت هكذا وحدها نتيجة سلسلة من العمليات اللإلكترونية لقال إنك مجنون , لا بد له من موجد . .
ثم يرى بعد ذلك أن الكون و المجرات و الخلايا و و الكائنات و الظواهر كل هذا جاء من غير موجد !!!!
و يسول له (جنونه) أن الصدفة و العشوائية . . تصنع قوانين ثابتة و ظواهر مطردة !!!!!
لذا فإن الذي يدعي أن هناك (( شيء )) يوجد بلا ((موجد )) عليه أن يثبت أولا إمكانية حدوث هذا . . و إلا فإن كلامه يبقى من باب الهذيان ، و هو كذلك .
و تبقى القاعدة التي اطبقت عليها التجربة و العلم و البشر هي الأصل الذي يجب أن يسلم له كل صاحب عقل و هي أنه ( لا بد لكل موجود من موجد ) .
2- كيف نعرف عن هذا الخالق الرائعة حكمته ؟
تذكر أننا نتمثل الآن وجود مخلوقين فائقي الذكاء لا يعلمان شيئا عن الأديان .
سوف يجدون في سبيل الإجابة على هذا السؤال ثلاث مجموعات من البشر . .
أولا/ المجموعة الأولى ( الملحدون ) :
سيقولون لهم " وجد هذا الكون هكذا وحده , لأن الصدفة و العشوائية من خلال سلسلة أحداث صنعت قوانين ثابته لا تتغير و كائنات متنوعة و ...."
و مما لا شك فيه أن الفضائيان سوف يتركون هؤلاء و ينظرون إليهم على أنهم مخرفون . . لابد أنهم سيغادرون قبل أن يكملوا كلامهم . . و يقولون في أنفسهم ( كنا نظن أن في الأرض شكل من اشكال الحياة الذكية . . و لكن يبدو أن سكان الأرض بلا عقول )
و هنا يلتقون المجموعة الثانية . .
ثانيا / المجموعة الثانية ( الوثنيون ) :
ممن يعبدون حجرا ينحتونه , أو يطلبون تغيير مصائرهم و أقدارهم من بقرة يذبحها آخرون و يأكلونها , أو يعبدون فئرانا !!!
سيقولون لللفضائيين : ( هذا الذي أمامكم هو الإله الذي خلق الكون )!!!!
و لا شك أيضا أن الفضائيين سينقلبا على ظهريهما ضحكا و سخرية من حماقة قوم يؤمنون أن يكون خالق الكون هو الحجر الذي ينحته عباده . . أو البقر الذي يعلفه عباده ثم يأكلونه .....
العقل يرفض هذا . .
ثالثا / المجموعة الثالثة ( أتباع الرسالات السماوية ) :
و هنا سيجدون مجموعات من سكان الأرض المختلفون بينهم اشد الاختلاف , يستحيل أن يتفقوا معا على ادعاء يدعونه سويا , بل كل منهم تكذيب الآخرين , منهم ( اليهود , و المسيحيون و المسلمون ) .
و سيجتمع هؤلاء جميعا رغم اختلافهم بينهم على ثلاثة أمور غاية في الخطورة . .
الأول / أن هناك أناس صالحون شهد لهم الجميع بالفضيلة جاءوا عبر تاريخ البشرية كلهم يقولون أنهم ( مرسلون من قبل الإله ) أو ( أنبياء ) عرف عنهم الزهد في الدنيا و لم يعرف عليهم الكذب طوال حياتهم و عرف عنهم السمو فيجميع أخلاقهم .
الثاني /أن هؤلاء الرجال الصالحون الفضلاء , الذين كانوا خير أقوامهم , و لم يعرف عنهم الكذب فيهم , أخبروا عن أمور في المستقبل و حدثت كما أخبروا , و كتبهم لم تزل شاهدة على هذا إلى اليوم .
الثالث / أن كل هؤلاء عل اختلاف أزمانهم و بلدانهم و قبل وجود وسائل التواصل و الإعلام و لعشرات الأىف من لسنين دعوا إلى عبادة إله واحد عظيم حكيم , خلق هذا الكون و لم يتركه هملا , إنما شرع شرائع للناس لتصلح لهم حياتهم في هذا الكون , ثم هم بعد ذلك عائدون إليه . .
و هنا . . يصل الفضائيان إلى غلبة ظن تكاد تقارب اليقين الذي لم يكتمل حتى هذه النقطة من الرحلة . .
و هي أن خالق هذا الكون إله عظيم . .
و أنه لا بد أنه هو هذا الإله الذي تحدث عنه الرجال الفضلاء الذين يسمون الأنبياء عبر التاريخ . . و الذين أخبروا في كتبهم بأمور مستقبلية بالنسبة لهم , حدثت فعلا كما قالوا . .
و هنا تأتي الخطوة الثالثة للفضائيين . .
3- في أي كتاب من هذه الكتب نبحث عن الإله ؟؟
يبحث الفضائيون كثيرا , ليجدوا أمامهم آخر ثلاث كتب يقول أصحابها أنها نزلت إليهم مع الرسل من الإله . .
أقدمها التوراة ( أو التناخ كما يسميه اليهود )
أحدث منه ( الكتاب المقدس ) عند المسيحيين ( و هو مكون من جزئين أحدهما هو كتاب اليهود و يسمى عند المسيحيين بالعهد القديم ,و الآخر هو العهد الجديد و الأناجيل الأربعة هي جزء من القسم الثاني ). .
ثم يجد أحدثهم و خاتمهم ( القرآن ) . .
و بالعقل و المنطق نتوقع أن يبدءا البحث في آخر هذه الكتب و أحدثها زمنا . . لأنه قد يكون أحدث رسالة من الإله .
لأنه لو ثبت أن التناخ هو كتاب الله . . فهذا لا يمنع كون الإنجيل و القرآن كتبا لله بعده . .
و كذلك لو ثبت أن الانجيل كتابا لله . . فهو لا يمنع أن القرآن كتاب الله . .
لماذا ؟
لأن كلا من كتب اليهود و النصارى لم تنفي بعث رسول و نزول كتاب بعدها بل على العكس أخبرت عن حدوث ذلك .
أما القرآن فجاء ليعلنها صريحة أنه لا نبي بعد نبي الإسلام - عليه الصلاة و السلام - و لا كاتب بعد القرآن .
و حتى لو فتحنا التوراة أو الإنجيل سوف نجد أن كلاهما رغم الاختلاف يتنبأ عن شخص نبي يأتي في آخر الزمان له مواصفات محددة . .
و عن شريعة جديدة تأتي في زمان معين . . و لو درسناها لوجدناها تتكلم عن نبي الإسلام محمد ( صلى الله عليه و سلم ) و عن رسالة الإسلام .
فسوف يقودنا هذا لضرورة البحث في القرآن . .
فعلى سبيل المثال لا الحصر
[ جاء في التوراة في ( كتاب أشعياء 29 : 12 ) [ أو يُدفع الكِتاب لمَن لا يَعرِفُ الكتابةَ ويقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف الكتابة". ] فهذا نص لن نفسره . . لكنه يتحدث عن كتاب يدفع إلى رجل أمي !!! فلنذهب و نبحث عن هذا الرجل , و هذا الكتاب . . لا سيما أن هذا النص يؤمن به كلا من اليهود و المسيحيين
4 - اللقاء الأول مع القرآن :
لنتأمل لحظة الدهشة الأولى , و لنتخيل أننا لم نقرأ القرآن من قبل و أننا سوف نفتح مع الفضائيين القرآن لنقرأه لأول مرة . .
ها هو الغلاف يفتح . .
ها هي الصفحة الأولى . .
الصفحة الأولى . . لنرَ ما فيها ؟؟
الفاتحة -
بسم الله الرحمن الرحيم . .
( الحمد لله رب العالمين ) . .
و هنا يصل إلى عقولنا أن . . هذا الكتاب يتكلم عن ( الله ) . .
فإن سالت : من الله ؟
تأتيك الإجابة : ( رب العالمين )
و هنا تجد نفسك مجبرا على أن تعير انتباهك . . و تتأمل الكلمات . . إن هذا الكتاب يقول أن صاحب هذه العوالم كلها هو ( الله ) . .
من يجرؤ على ادعاء هذا ؟؟!!
ألا يخاف اي أحد مزيف يدعي هذا . . أن يفضحه الإله الحقيقي . .
و يبين حقيقة كذبه ؟؟
هل قال أحد إنني نا الإله . . و ليس إله القرآن هو الإله ؟؟
هل قال أحد هذا في التاريخ ؟؟
هل قال أحد إنه أنا ؟؟
هل أرسل الإله رسولا يخبر البشر أن القرآن ليس كلامه . .
و أثبت هذا الرسول بالمعجزات و البراهين أنه رسول من الإله ؟؟!!!
كما نزل القرآن ينفي الألوهية عن كل الآلهة . . و يقول للناس أن هذه الآله هي عباد لله منزل القرآن . . لا يملكون لأنفسهم ضرا و لا نفعا ؟؟!!!!
أبدا . .لم يحدث . .
و هنا الخطوة الأولى . .
لقد حاول فرعون أن يدعي أنه إله . . فاين هو الآن . . لا وجود له . . مات . .
لن استدل بخبر القرآن عنه . . بل اسأل . . هل فرعون موجود الآن ؟؟ لا . . مات . . انتهى . . هل يعبده أحد لا . .
و نزل القرآن يخبرنا إن فرعون كاذب . . فهل رد فرعون أو غير فرعون و دافع عن نفسه ؟؟؟!!!!
إذن فالأمرجدير بالتأمل . . و يميل العقل إلى تصديقه . . و لكن حتى هذه اللحظة هو أمر (( يغلب عليه الظن )) بالنسبة للفضائيين , و لم يصبح يقينا . .
و مع استمرار رحلتك في القرآن . . تجد أمور عجبا . .
يأتيك اليقين الذي يكفي دليل واحد منه لإيمان العالم بعقولهم قبل أن تخبت قلوبهم . .
منها :
(1) المعجزات من إخبار بالغيوب الماضية
التي لا يستطيع متبحر في علوم التاريخ و مقارنة الأديان أن يعرفها و لا بدراسة متفرغة لعقود . . و كل هذا على لسان نبي أمي لم يقرأ كتابا و لم يخطه بيمينه . .
(2) الإخبار بالغيوب المستقبلية القريبة و البعيدة :
التي منها ما حدث في حياة النبي صلى الله عليه و سلم مثل ( انتصار الروم على الفرس في خلال اقل من تسع سنوات من نزول الآية و قد كان - و مثل فتح مكة و هيئة المسلمين و هم داخلوها - و غيرها كثير كثير .... ).
(3) الإخبار بالغيوب العلمية التي لم يكن أحد من اهل الأرض يعلمها :
( مثل التكوين الجنيني للإنسان , و غيرها كثير كثير .... )
(4) المعجزة البلاغية التي لا تضاهى"
تحدى بلغاء العالم في تاريخ البلاغة فلم يأتوا بمثله . . و لا بعشر سور مثله . . و لا بسورة . . و كل من حاول غلى يومنا هذا كان حبيس أسلوب القرآن . . و لكن بشكل مشوه مضحك . .
(5) معجزة التأثير في النفوس :
الذي جعل مشركي مكة يقولون عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه ساحر . . و جعل كثيرين ممن يخالطون المسلمين من غير المسلمين يتواصون بعدم سماع القرآن إلى يومن هذا .
و رغم أن النبي صلى الله عليه و سلم عاش بينهم 40 سنة قبل البعثة , ما قال عن كلامه يوما إنه سحر . . ما قالوا هذا إلا بعد أن نزل القرآن .
و قد يوجد غير هذا كثير مما قد لا نعلم و لكن يعلم الله عز وجل . .
و أي دليل واحد فقط من نوع واحد فقط . . يكفي لصاحب العقل أن يعلم أن هذ ليس كلام سيدنا محمد بن عبد الله . . و يجعلك تؤمن عقلا ثم قلبا . . أن القرآن كلام الله . . و أن محمدا رسول الله . .
فهل سيؤمن الفضائيون ؟؟
أترك النهاية مفتوحة . . احتكم لعقلك . .