23‏/07‏/2014

البائس و القرآن . . - بقلم / رحاب صبري



حقيقة أضحوكة وهم الأخطاء النحوية في القرآن
بسم الله و الحمد لله  و الصلاة و السلام على رسول الله . .
جاءني هذا السؤال على موقع التواصل الاجتماعي
ask.fm
" ما حقيقة وجود أخطاء نحوية بالقرآن الكريم ؟ "

ملخص الرد :

هذا وهم يرفضه العقل و علم النحو كالتالي :
(1) من يؤمن - بالأدلة العقلية - بأن القرآن كلام الله يعلم أن كلام الله لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه .

(2) النحو مصدره الأول هو القرآن فما وجد في القرآن من من وجه إعراب خذ به واضهوا علم النحو فكيف يقول جاهل أن النحو يخطيء القرآن .
[ مثل الذي يقول إن جسم الإنسان فيه خطأ في التركيب لأنه يخالف علم الطب البشري !!! المشكلة عنده هو لا هي في الإنسان و لا في الطب ]

(3) النحو و الإعراب له أعداد من الأوجه و ألسنة قبائل العرب الفصيحة ( مثل قريش و أسد و تميم و هذيل ... ) لا يحصيها علماء النحور أنفسهم , و قد قضوا فيها أعمارا , و المسكين لم يدرس في المناهج إلا وجه واحد وقول واحد من مدرسة واحدة هي مدرسة البصريين , فلما وجد في القرآن ما لم يفهمه أو ما هو وجه أفصح مما درس اعتبره خطأ .

(4) أوردت أمثلة لشبهاتهم و كم هي مخالفة لعدد من أوحه التحو المعروفة عند العرب و عند النحويين منذ قبل الإسلام .
تفاصيل ذلك و الأمثلة على شبهاتهم و الرد عليها بالتفصيل في المقال التالي :
.

الجواب :
أقول مستعينا بالله متوكلا عليه :
الرد في عدة عناصر :

أولاً / رسالة للمسلم قبل بيان تفاهة الشبهة .

ثانيا / أدلة العقل أن هذا الكلام لا يدعيه عاقل .
ثالثا / أدلة النحو و علوم العربية أن هذا الكلام لا يدعيه إلا جاهل .
رابعا / اقرأ البند أولا مرة أخرى رجاء .

أولا / رسالة هامة للمسلم قبل بيان تفاهة الشبهة

 
المسلم ليس إيمانه مثل إيمان أي تابع لأي دين , و هذا كلام عقلي و ليس عاطفي . .
فالمسلم يجب عليه أن يعي أنه آمن بكتاب الله , ليس لأنه ولد مؤمنا , كلا . . و إنما لأن القرآن و ليس كأي كتاب آخر , فهو يأخذك أثناء قراءته في رحلة من ((الأدلة العقلية القاطعة)) على أنه كتاب الله عز وجل , حتى و لو لم تكن مؤمنا به .

لذا وجب على المسلم أن يتذكر عند مواجهة أي شبهة استحضار الأمرين التاليين  :
الأمر الأول : الأدلة العقلية في القرآن على ثبوته لا يستطيع كل مشككي الأرض مواجهتها و منها : 

 (1) المعجزات من إخبار بالغيوب الماضية
التي لا يستطيع متبحر في علوم التاريخ و مقارنة الأديان أن يعرفها و لا بدراسة متفرغة لعقود . . و كل هذا على لسان نبي أمي لم يقرأ كتابا و لم يخطه بيمينه . .

(2) الإخبار بالغيوب المستقبلية القريبة و البعيدة التي منها ما حدث في حياة النبي صلى الله عليه و سلم مثل ( انتصار الروم على الفرس في خلال اقل من تسع سنوات من نزول الآية و قد كان - و مثل فتح مكة و هيئة المسلمين و هم داخلوها - و غيرها كثير كثير .... ).

(3) الإخبار بالغيوب العلمية التي لم يكن أحد من اهل الأرض يعلمها ( مثل التكوين الجنيني للإنسان , و غيرها كثير كثير .... )

(4) المعجزة البلاغية التي لا تضاهى . . تحدى بلغاء العالم في تاريخ البلاغة فلم يأتوا بمثله . . و لا بعشر سور مثله . . و لا بسورة . . و كل من حاول غلى يومنا هذا كان حبيس أسلوب القرآن . . و لكن بشكل مشوه مضحك . .

(5) معجزة التأثير في النفوس الذي جعل مشركي مكة يقولون عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه ساحر . .
رغم أن النبي صلى الله عليه و سلم عاش بينهم 40 سنة قبل البعثة , ما قال عن كلامه يوما إنه سحر . . ما قالوا هذا إلا بعد أن نزل القرآن .
و قد يوجد غير هذا كثير مما قد لا نعلم و لكن يعلم الله عز وجل . .
 
[ للمزيد حول النقطة السابقة أنصح بقراءة مقال / هل يؤمن الفضائيون ]

و دليل واحد فقط من نوع واحد فقط . . يكفي لصاحب العقل أن يعلم أن هذ ليس كلام سيدنا محمد بن عبد الله . . و يجعلك تؤمن عقلا ثم قلبا . . أن القرآن كلام الله . . و أن محمدا رسول الله .

الأمر الثاني : ما كان من عند الله كان كاملا كله لا نقص و لا باطل فيه مهما قصرت الأفهام عن الإدراك

 طالما أنه ثبت لدينا عقلا أن القرآن كلام الله , فإن أي طعن في كلام الإله أو في رسوله أو في دينه إنما هو باطل لا يأتيه الحق من بين يديه و لا من خلفه .
فإن الذي يجعل عقله حكما على ما حكمة ما جاء من إلهه الذي خلق الأكوان و ما فيها و خلق له عقله , لابد أنه أحمق . . و حينما يتعارض عقله مع أمر إلهي , فإن اتهم حكمة الإله لأجل ما يعتقد أنه حكمة عقله القاصر فهذا آكد الحماقة . . فعقله هذا الذي يغير كل يوم وجهة نظره كما يغير ملابسه , و يكتشف كل يوم أن قرارا أخذه بالأمس كان خطأ  . . عقله حبيس في بيئته و زمانه و ثقافته .
فمنتقد دين الله أو كتابه أو رسوله , هو شخص سخيف بائس , و المسلم يجب أن ينظر إلى قصر نظرة هذا الشخص و حماقة هذا المشكك نظرة الكبار إلى تعتعة و لعثمة و أوهام الأطفال وحينما يتحدثون عن تصوراتهم عن الكون و العلم و الحياة .

 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ثانيا / أدلة العقل على أن هذا الكلام لا يدعيه عاقل :

يشهد العقل بأن هذا الادعاء بوجود أخطاء - بل خطأ واحد حتى - ما هو إلا أضحوكة سخيفة تدل على أن من توهمها يجتمع فيه الجهل و الغباء جميعا , فهو – إن كان مقتنع بما يقول - قطعا بلا احتمالا جاهل بالقرآن و بالنحو و اللغة و التاريخ جميعا , و ذلك للأسباب التالية :
1- القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر النحو , فالنحو مأخوذ من القرآن أولا , ثم من الحديث ثانيا ثم من كلام العرب و أشعارها منذ الجاهلية إلى قبل الفتح الإسلامي لبلاد غير العرب :
فالنحويون درسوا أول ما درسوا في مصادرهم القرآن فما كان فيه من وجوه الإعراب اعتمدوه في كتب النحو , و لكن مؤلف الشبهة لا يعلم من أوجه النحو إلا قليلا , و لا يعلم أن النحو ليس على وجه واحد بل فيه أوجه في كل باب لا يدرس منها في المدارس العامة إلا وجه واحد فيظن الجاهل أنه هو كل النحو .
إن مثله مثل من درس كتابا في الطب ثم ذهب ليقول أن تركيب جسم الإنسان فيه خطأ . . لأنه يخالف نظرية طبيه كما فهمها بزعمه !!!!
الطب مأخوذ من جسم الإنسان يا أبا جهل . . و النحو مصدره الأول القرآن يا من لا تعرف عن النحو إلا قشورا درستها في المدرسة .

لذا فمسكين بشكل مثير للشفقة  من يقول أن القرآن فيه خطأ  لأنه لا يفهم ما درسه من النحو و لا يجيد تطبيقه , أو لأنه وجد بعض الأوجه الأفصح و الأعلى في مواضعها لغة وجدت في القرآن و هي تخالف ما درسه هو من النحو في المدرسة .


2 - يظن صاحبنا المعاق نحويا أنه اكتشف ما لم يكتشفه ( رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم / و لا فصحاء العرب المعاصرين له و من بعدهم سواء من المؤمنين أو المشركين الذين كانوا اهل  الفصاحة و البلاغة يتكلمون العربية في بيوتهم بفصاحة منذ الطفولة ) :

و هذا شيء شديد السخف ,فالعرب الذين تحداهم القرآن منذ أربعة عشر قرنا ببلاغته , و التي كانت بلاغته و روعته سببا في أن يسلم خلق كثير حتى قالوا عن القرآن سحر .
و مع ذلك لم يقل أحدهم لا مؤمن و لا كافر و لا عاقل و لا مجنون أن القرآن به خطأ في اللغة لا يستقيم به اللسان العربي.

بل إن القرآن احتج عليهم حينما حاول بعضهم أن يقول أن أحدا لابد و أنه علم النبي فقال :

{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ } [النحل : 103].
ثم إن النبي صلى الله عليه و سلم عظيم الفصاحة , مشهود له بها , فكيف لم ينتبه لا هو , و لا أبو بكر و لا عمر و لا الصحابة و لا المشركون و لا أحد من فصحاء العرب في أعلى قمم الفصاحة إلى ما انتبه إليه من لا يعرفون عن النحو إلا ما درسوه من آراء البصريين حتى نهاية المرحلة الثانوية .
يروى أن عمر بن الخطاب لما مر بمجموعة من الناس تتمرن على الرمي و أخطأوا أمامه لامهم على ذلك , فقال بعضهم له جملة مثل " نحن متعلمين " أي أننا نتعلم فغضب و قال لهم ما معناه أنه " أن تخطئوا في الرمي عندي أحب من أن تلحنوا في القول " اي تخطئوا في اللغة العربية .
بل إن علم النحو نفسه دعا إليه (علي بن بي طالب ) لأنه لم يكن يقبل بحدوث اللحن في اللسان العربي .
فكيف بهؤلاء لم يلاحظوا ما لاحظه البائس الضحل العلم .

              ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
         ثالثا / أدلة النحو و علوم العربية على أن هذا الكلام لا يدعيه إلا جاهل :

1- النحو و الإعراب ليس هو الوجه الواحد الذي درسه البائس في مقرر النحو بالمدرسة :
النحو ليس على وجه واحد بل فيه أوجه في كل باب و إعراب , لا يحيط بها إلا المختصون في النحو , و مشكلة البائس صاحب الشبهة , أنه ظن أن النحو الذي درسه في منهج النحو في المدارس العامة هو كل النحو , فهو لا يعرف ألسنة العرب , و لا أوجه لهجاتها و لا إعرابها , و لا مدرسة نحو الكوفيين و لا مدرسة نحو البصريين , لا يعرف عن هذ شيئا عن هذا , لا يعرف إلا وجها واحداً درسه يظن أنه هو كل النحو .

يقول الشافعي في كتابه الرسالة :
" لسانُ العرب أوسعُ الألسنة مذهباً، وأكثرها ألفاظاً، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها حتى لا يكون موجوداً فيها من يعرفه "

و عن مصادر الاحتجاج  في النحو و الإعراب بعد القرآن و الحديث يذكر ابو نصر الفارابي في  كتابه الشهير ( الألفاظ  و الحروف ) أن هذه المصادر هي ألسنة و أوجه متنوعة من أفصح لهجات العرب و هي قبائل ( قريش  و قيس و تميم و أسد )
يقول عنهم : " فإن هؤلاء هم الذين أخذ عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه ، وعليهم
اتكل في الغريب وفي الإعراب والتصريف " . ثم يقول بعدها
" ثم هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين، ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر
قبائلهم ".

2- أمثلة للمغالطات التي ذكروها و بيان خطئها :



الآية
الاعتراض البائس
صفعة علم النحو للبائس
(هذا مختصر وكتب التفسير مليئة)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِونَ ...
( المائدة 56)
كان يجب أن ينصب المعطوف على اسم إن فيقول والصابئين كما في آية البقرة
هذا صحيح من عدة أوجه و ليس من وجه واحد :
فهو صحيح و قد يحمل على اي وجه من هذه الأوجه الفصيحة :
(1) الواو هنا (استئنافية)  من باب إضافة الجُملة للجملة ، وليست واو العطف, فيأتي بعدها مبتدأ لغرض بلاغي .
أمثلته من شعر العرب كثيرة منها:
البيت الشهير لضابيء بن الحارث البرجمي
فمن يك أمسى في المدينة رحله
                  فـ(ـإني وقـيارٌ ) بها لغريب
[ قيار مرفوعة رغم وجودها الواو بينها وبين اسم إن ]
(2) علامة الرفع هي علامة النصب ذاتها في لسان قبيلة بلحارث بن كعب و هي لغة فصيحة صحيحة .


(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ... )
سورة  البقرة 124
جاء الفاعل ( إبراهيم ) مرفوعا
إبراهيم ليست فاعل يا بائس بل هو مفعول لذا نصبت .
مثل قولك ( أكلت البرتقالةً الفتاةُ )
فهل البرتقالة أكلت الفتاة أم الفتاة أكلت البرتقالة ؟؟!!
لذا نصبنا البرتقالة ( مفعول ) و رفعنا الفتاة ( فاعل ).
( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مسته .... )
سورة هود 11
جاءت ( كلمة ضراء ) منصوبة بالفتحة . . بينما يجب أن تجر لأنها مضاف إليه بعد كلمة ( بعد )
من قال إنها منصوبة . .
إنها مجرورة و لكن بالفتحة لأنها ( ممنوعة من الصرف ) يرجى مراجعة النحو المدرسي لتجد فيه ما يسمى ( الممنوع  من الصرف ) و فيه أن الممنوع من الصرف مثل ( ضراء ) إذا جاء ( نكرة ) ( مجروراً ) يجر بعلامة فرعية هي الفتح .
(قالوا إنْ هذانِ لَساحِرَانِ)
سورة طه 63
وكان يجب أن يقول: إنْ هذين لساحران لأن اسم إن منصوب و ليس مرفوع
هذه ليست ( إنَّ ) ذات النون المشددة , و إنما هي ( إن ) ذات النون الساكنة .
و تسمى ( إن المخففة من الثقيلة ) و هذه اسمها دائما يكونا ضميرا مستتار يسمى ضمير الشأن , و ( هذان لساحران ) جملة من مبتدأ و خبر في محل رفع خبرها .
لذا تكون ( هذان ) مرفوعة .

و أخيرا . .

رابعا و أخيرا / . . اقرأ البند أولا مرة أخرى رجاء .

هناك تعليق واحد:

  1. جزاك الله الفردوس الأعلي علي هذه المعلومات النفيسة وعلي طريقة العرض والترتيب ..

    ردحذف