16‏/01‏/2013

رحاب صبري يكتب || صديقي الليبرالي . . هل ستتاجر في الرقيق ؟

" أي مذهب نطبقه من مذاهب الشريعة؟ "
سؤال دائماً ما تسمعه من نخب العلمانيين عندما تتحدث عن تطبيق الشريعة , و للأسف تجد بعض (عوام المتلبرلين) يردده بشكل مثير للشفقة . . وربما الإحراج .

فلو كلف أحدهم نفسه بالتفكير الموضوعي و بمنطق سليم في مقولته . . لتحاشى ذكر مثل هذه المقولة التي تضعه فكرته في موقف شديد الضعف و اﻹحراج ، إذ هي حجة دامغة لصالح الإسلام على العلمانية .

دعنا نسأل بمنتهى الهدوء سؤالين أخشى أنهما شديدا الإحراج للعلمانيين . .

السؤال الأول / هل الاختلاف في الفهم و الآراء هو من خصائص مذاهب الشريعة فقط ؟!! أم أنه أكثر بروزا وجلاء في القانون الوضعي البشري البائس الذي تنادون به .

كلا . . إنه من أهم خصائص القوانين الوضعية ((أيضاً)) , بل هو السمة الغالبة عليها .

فاختلاف فقهاء القانون هو أمر معلوم بالضرورة لكل دارس للقانون .. بل لكل مصري تابع أحكام القضاء في الفترة الماضية منذ قيام الثورة و حتى اللحظة .

لكن ثمة فرق شديد الأهمية بين اختلاف فقهاء الشريعة من جهة و اختلاف فقهاء القانون الوضعي البائس من جهة أخرى
فاختلاف فقهاء الشريعة الإسلامية من مزايا و آيات عظمة الشريعة . . لأنه :

أولا . . رحمة , إذ هو منضبط بنصوص لا يأتيها الباطل لأنها من الوحي , و لا يتطرق إليها الفساد أبدا أو سوء الصياغة .

لذا فهي تلفظ بنفسها أي فهم منحرف لها , و تجعله مجرد فهم مبتور لقيط لا يحسب إلا على صاحبه .

ثانيا / لأنها من آيات مرونة الشريعة و عدم جمودها التشريعي ، و صلاحيتها لكل الأزمنة و الأمكنة
. . ﻷن الشريعة فيها أقسام :

الأول- ما جاء به نص محكم قطعي الثبوت و الدلالة . . هو نواة الشريعة الصلبة ، و هيكلها الذي يعطيها شكلها العام المميز . .

الثاني- ما جاء من نصوص قطعية الثبوت ظنية الدلالة . . و هذا هو مناط اختلاف الفهم و الجهد البشري بما لا يختلف مع النص نفسه و لا يصطدم مع النوع الاول .

و هذا من مرونة الشريعة الفذة إذ يختار أهل الرأي- و هم البرلمان في حالتنا المصرية حاليا - من هذه ما يناسب المجتمع و الظروف و الواقع الحالي .

الثالث-ما سكت عنه الشارع و لم ينص عليه ، فيشرع فيه أهل الرأي بما لا يصطدم مع النوع الأول الثاني . . مثل قوانين المرور و الملاحة البحرية و غيرها .

أما اختلاف فقهاء القانون الوضعي فنقمة و أي نقمة , فهي تعتمد على نص بشري ، مرهون برؤية حبيسة لثقافة واضعيها و أهوائهم و جهلهم بما سوف يحدث مستقبلا . .

كما أنه صادر عن تفسير بشري . . لنص بشري .

لذا فهو مليء بالثغرات التي تقلب المظلوم ظالما و الظالم مظلوما , و تضيع الحقوق و تعطل العدالة و تجرئ المجرم و تيئس صاحب الحق و المظلوم .
هذا هو السؤال الأول . .

أما السؤال الثاني / يا من تريدون لمصر أن تكون دولة منفصلة عن الشريعة . . بأي تصور و منهج سوف تحكموننا . . بأي فهم ؟؟

هل تريدونها ليبرالية ؟؟

إن قلت نعم فدعني أسألك . . هل الليبرالية مدرسة واحدة أو فهم واحد ؟؟

كلا فداخلها آراء شديدة الاختلاف . . بل و التضاد أحيانا كثيرة

هل تريدها ليبرالية براجماتيه , أم ليبرالية اجتماعية...... ؟؟

اليست هذه اختلافات فادحة . . و بلا نص ضابط . . فهل حلال لكم الاختلاف حرام على الإسلاميين .

أم أنها الرؤية المزدوجة المنطق ؟؟

و إن كنت تخاف من التفسيرات المتطرفة للشريعة كما تقول ، و الشريعة بنفسها و نصوصها الموحى بها ثم بأهل الرأي تحمي نفسها من هذه الآراء الشاذة . . أليس من حقي أنا و غيري أن نخاف من تغسير الليبرالية أو الاشتراكية المتطرف ؟

خاصة و أنه ليس عندك نصوصا ثابته معصومة تقوم الفهم المتطرف و تعيده لاتزانه . . إن هو إلا ان ما تهوى الأنفس . .

أليس من حقي أن أخشى أن تطالب في يوم من الأيام بما يوجد في سيدة الليبرالية في العالم أمريكا من إباحة الزواج الشاذ في الكنائس و زواج الرجل مع حماره و المرأة مع كلبها كما يحدث في أمريكا ؟ . . و غير ذلك

أليس من حقي أن أخشى أن تدعو لتجارة الرقيق الأسود ، لأن جون لوك أحد آباء الليبرالية كان نخاسا و كان يبرر و ينظر لسرقة العبيد الأحرار و بيعهم و هو ما يحرمه الإسلام الذي وضع شرائع تنظم و تجفف منابع الرق يوم أن كان الرق أمرا واقعا .

إيديولوجيتك يا صديقي مليئة بالاختلافات و التباينات , التي لا ضابط لضبط الصواب فيها من الخطا إلا الذوق و الإحساس البشري و الخوى الذي يختلف من شخص لآخر . .

اما الاختلافات في الشريعة فمنضبطة بنصوص .

فإن قلت لي . . إنك سوف تختار ما يتماشى مع المجتمع و عاداته . .

فأقول لك .. و هكذا عندما تطبق الشريعة إن شاء الله. . سوف تختار المجالس التشريعية المنتخبة من آراء الشريعة المعتبرة ما يتماشى مع ظروف المجتمع . .

إنها المرونة . . في ظل شريعة الله . .

اما تدعوني إليه . . فهو آراء الفلاسفة الغربيين بغير ضابط إلا . . آراء و أهواء أتباعهم . . في غياب ضابط محدد . . و في ظل حكم . . بغير ما أنزل الله . . حرمه الله على المسلمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق