![]() |
باولو توسكانيلي - عالم إيطالي - كان يرتدي العمامة كزي علمي أثناء تجاربه (1397-1492) |
إن العالم و العلم يدين بعد الله بالفضل لللإسلام في تحقيق و ثبة علمية ووضع أسس جديدة للبحث العلمي لم يزل العالم يبني عليها .
إن فكرة التجريب كمنطق وحيد لقبول النظرية و تحويلها إلى مناط مقبول للاستدلال , و هي الفكرة التي بني عليها العلم التجريبي الحديث هي منتج إسلامي بامتياز .
و هي نفس التي نهضت بالعلم وحولته من نشاط نشاط ذهني فلسفي عقيم ذو إنتاج ضحل , يحتكره الفلاسفة و الكهنة و السحرة , إلى نشاط فاعل في بناء البشرية و منتج .
و لا ينكر إلا جاحد أن المسلمين ورثوا فعلا من الحضارات السابقة كاليونان و الهند ، و لكن لا ينكر متخصص أيضا أن ما ورثوا كان في مرحلة عدم نضج علمي للبشرية ، و ما غلب عليه كان هو الأفكار الخاطئة و إن لم تكن كلها طبعا و كان يسيطر على المعارف قبلهم الجدال العقيم و الآراء الشخصية .
حيث تقدس النظرية على شهرة صاحبها , في ظل غياب البرهان و المقياس .
غير أن العقلية العلمية الإسلامية , المبنية على أن آراء الرجال يستدل لها و لا يستدل بها , و التي تعلمت ألا تقبل حتى من علماء الدين حكما إلا بدليل من قرآن أو سنة , طبقت نفس الآلية في العلم , فلم تقبل من أحد رأيا شخصيا على سبيل االتسليم إلا بدليل , و جعلت هذا الدليل هو ( التجربة ) " لغة الكون التي لا تكذب .
و رغم ذلك فهم لم يهملوا أقوال و تراث الرجال السابقين , ممن يشهد لهم التاريخ بذكاء و فطنة , بل أعادوا تعريفها للناس و حفظها كتراث عبر عن حقبة من تاريخ البشرية و قاموا بترجمتها و نشرها وقت أن كان الأوروبيون لا يعرفون شيئا عن هذه الأفكار و بعد أن كادت تندثر .
و كانوا أمناء في ذلك فلم ينسبوا إنجازات السابقين لأنفسهم كما فعل الغرب بعد ذلك حين سرق مؤلفات المسلمين، وأخفاها و نسب كثير من إنجازات مثل اكتشاف كروية الأرض و الجاذبية و قوانين الحركة و الدورة الدموية و غيرها إلى لأوروبيين .
غير أنه لا يمكن إهمال عدد من العلماء و المفكرين الأمناء من الأوروبيين الذين فضحوا هذه السرقات .
و من أمثال هؤلاء " رونالد هيل المهندس الإنجليزي أن من يدرس نتاج الرزاز الجزري في علم الميكانيكا يتأكد من تذوق العرب لأفكار هذا العلم، وقد جرت العادة في نسبة قوانين الحركة إلى إسحاق نيوتن "ت 140هـ / 1727م" في حين أن الشيخ الرئيس ابن سينا "ت 428هـ / 1036م" هو مكتشف القانون الأول وهبة الله بن ملكا البغدادي "ت 560هـ / 1164م" اكتشف القانون الثاني والثالث، أما إسحاق نيوتن فقد طور قوانين الحركة خلال استعمالها حتى صارت عصب علم الميكانيكا الحديث.
و لولا أن جاءت ثورة المعلومات و كشفت المخطوطات الخبيئة لما افتضح أمر لصوص الحضارة ."
[ المصدر : البحث العلمى أساسياته النظرية وممارسته العملية - رجاء وحيد دويدري- دار الفكر المعاصر-بيروت-لبنان-دار الفكر-دمشق-سورية ]
و كان العالم الإيطالي باولو توسكانيلي لا يجري تجاربه إلا و هو يرتدي العمامة لأنها كانت زي العلم و العلماء .
غير ان هذا ( المنهج التجريبي ) و الذي يعد ااتطور الأهم في تاريخ البشرية ، والذي لم يزل في بعض جوانبه يسمى فيما نجا من عمليات السطو الفكري باسم ( Algorithm ) نسبة إلى الخوارزميى . .
و لعل هذا الذي جعل العالم يتوج أبو الريحان البيروني كأعظم فيزيائي في التاريخ ، رغم إنجازات أينشتين المعروفة .
غير أن الغرب أقام مزيدا من التراكم العلمي . . و لكن على هذا الأساس الذي هو الأهم. .
ثم أصبح المسلمون في المؤخرة بعد أن تخلفوا عن الإسلام و قلدوا الغرب في هجرانه للدين و في فصله للدين عن الحياة .