30‏/08‏/2012

سلماوي و محنة ازدراء العقل

قرأت للكاتب محمد سلماوي بعنوان ( تماثيل الشوارع ) . . تمنيت لو أبدله بعنوان ( مقالات الشوارع ) . .
 

ملخص المقال :

المقال بدأه بمقوله للمثال المصري الدكتور عبدالغنى الوشاحى مفادها أن سبب الاضطراب والتخلف الذى أصاب الإنسان المصرى هو عدم وجود تماثيل فى الميادين العامة

ثم يشرح ذلك بأن التماثيل - بسبب تواجدها في الشارع - هى الوسيلة المثلى لتنمية الإحساس بالجمال لدى الجماهير، ويعتمد عبدالغنى الوشاحى فى نظريته هذه على ما ادعى نظرية  تقول بأن الإحساس بالجمال يرتقى بالإنسان ويحقق له قدراً من التسامى والاتزان النفسى , ثم استند على دليل قول ارسطو بـ «التطهر» وأن غياب الإحساس بالجمال لدى الإنسان يتدنى به ويؤدى للاضطراب فى عواطفه. ( أقول أنا رحاب و الكلام ن التطهير أورده أرسطو طاليس في الفصل السادس من كتاب " فن الشعر " الذي يتحدث في مجمله الأعظم الأعم عن التراجيديا أو المأساة و لم يلق فيه الضوء على محاكاة التماثيل كفن بارز , و إن كان ذلك مقبول من باب أنها محاكاة , لكن لا ينطبق عليها الكلام عن الماساة إلا في هذا الجانب . . المحاكاة )
ثم يختم الرجل مقاله بالهدف الحقيقي من المقال و هو الطعن في المتدينين و التدين كعادته و دأبه فيقول :
" كان ذلك فى مبنى الأتيليه بوسط البلد، لكن تساءلت: هل سيظل هذا الكلام يقال فى وسط البلد، أم أنه قريباً لن يقال إلا فى الأطراف بينما الوسط سيكون لمن يدعون أن الفن حرام وأن التماثيل التى أفاض الإمام محمد عبده فى مدح جمالياتها، بل ووجه الشكر للأيادى التى صنعتها، ما هى إلا أصنام ينبغى تحطيمها كما حدث فى أفغانستان، أو على الأقل تغطيتها كما حدث فى الإسكندرية؟ وماذا سيحدث للإنسان المصرى إذا اختفت نهائياً كل التماثيل والأعمال الجمالية التى يكرهها البعض، والتى يقول عبدالغنى الوشاحى إن غيابها هو سبب التخلف والاضطراب الذى أصاب الشخصية المصرية؟! "


تعليقي على المقال المحنة :


التماثيل هي حل مشكلات مصر السلوكية يا حضرات , و الدليل ماذا ؟؟
الدليل ( قالو لوااااا على رأي الفنان عادل إمام )

الدليل الملزم هو كلام شخص نحن ملزمون طبقاً لما يعتقده سلماوي أن نلغي عقولنا أمام ما ذهب إليه كما فعل هو , وكما  يتضح من المقال كم أن عقله هين عنده لدرجة الازدراء.

 فهو يحتقر عقله جداً لدرجة أنه يجعل عقل كل من هب و دب أفضل من عقله و يستدل بأفكار غيره على طريقة (( المسلمات )) بل يرفعه إلى مستوى (( الوحي )) , و هذا ينم عن نفسية متأقزمة أمام عقول أمثالنا من البشر .

إن في هذا ما فيه من الإرهاب الفكري حيث نتخيل سلماوي و هو يرفع حاجباً و ينزل آخر و يقول لنا (( لا تناقش و لاتجادل في كلام عبد الغني الوشاحي و أرسطو عن التطهر ))

و بالمناسبة لا أعرف لماذا أخفى الكاتب سلماوي - أن كلام ارسطو عن التطهر كان مقصوراً على التراجيديا كردة فعل لموقف أستاذه افلاطون الرافض للشعر و الأدب , ها هو أفلاظون يختلف مع أستاذه , ليعطينا كل منهما راياً مخالفاً للآخر .
أرايت , العقول لها وجهات نظر مختلفة . .
فياسيدي أنا مثلاً لا أرى ما رآه ملهمك الدكتور الوشاحي - و بمنطق عقلي بحت حتى لو لم أكن أعلم رأي الدين فيها - أرى أن التماثيل هي علامة من علامات تخلف الشعوب , فهي صرف لنظر المتأمل عن جوهر و عمق الحقيقة إلى ضحالة و سطحية الصورة .

 فالتمثال إما محاكاة للطبيعة , و من ثم فإنه أقل جمالاً من الطبيعة , و لا يحمل تفاصيل ما تشي به الطبيعة من أسرار . . مما يجعل البشر اكثر سطحية و جهلاً .

و حتى إن بدا لبعض الأذواق أن بعض التماثيل أكثر جمالاً فأنقل لك رفض أرسطو نفسه لهذا الجمال لأنه يرى أن الأقل جمالاً ((الممكن وجوده)) مقدم على الأكثر جمالاً غير الممكن أو غير الموجود.

و إن كان التمثال هو تعبير عن معنى رمزي معقد في نفس المثال , من ثم فليس الجمال شرطاً فيه , إلا إن كان أحدهم ذكر لك أن المثالين لا يحسنون إلا الجمال و لا يمرون بلحظات بائسة و من ثم قدست قوله .

و التماثيل أبد الدهر - عندي و أنا لا أحتقر عقلي كما تفعل أنت - رمز لسيطرة الأسطورة على عقول البشر , سواء كانت هذه الأسطورة بطلاً أو زعيماً خالدا أو مفكراً .

و أن هذه التماثيل تصنع حالة من البلادة و السطحية عن الناس تقف بهم عند حد تأمل فكرة البطل بمنتهى السطحية , و كلما نظروا إلى ضخامة حجم التمثال , كلما شعروا نفسياً بضآلتهم عن أن يصبحوا مثل هذا البطل , أو غيره , فيورثهم هذا الشعور بالأقزمة و الهزيمة النفسية , مما يزيد من ضخامة البطل في عيونهم أو قلوبهم فتصبح العقدة مركبة .

و أنا هنا أجد أنني من باب احترامي لعقلي لا أقدس إلا (( الوحي )) الذي آمن عقلي قبل قلبي بأن مصدره الله ثم رسوله صلى الله عليه و سلم الذي اصطفاه الله بحكمة و علم  لحمل الأمانة بحكمة و علم. .

و في هذا الصدد إذا اصطدم كلام الإمام محمد عبده مع كلامه الوحي الثابت , و لا أقول أقوال الآراء التي يسوغ فيها الاختلاف , فلا يعنيني ما قال الشيخ محمد عبده ,و إن كان شيخ الإسلام عشر مرات . . و هو ليس كذلك عندي بالمناسبة. . فلا اجتهاد مع نص . .

فأنا أحترم عقلي و لا أخضعه إلا إلى الوحي الثابت . . و اضرب بكلام أي أحد عرض الحائط طالما المسالة رأياً فلا قداسة عندي لرأي. .

القداسة عندي فقط للوحي الثابت . . و لست هنا في مقال أن أسوق حكم التماثيل فهذا يلتمس من مواطنه . . لكنني أرسخ مبدأ رجل يحترم عقله .

لذا أجد أنني بحاجة لأبوح بأمر ألا و هو  أنني مهما حاولت أن أثبت للناس كم أنك مقاتل صبور يا سلماوي لا أجد مثل هذا المقال الذي كتبته أنت كدليل يثبت ذلك . .

 نعم فرجل مثلك يكتب مثل هذا المقال . .

لا يمتلك من أدوات الكتابة إلا القلم . .

و لا يمتلك من أمر الكلمات إلى القدرة على تكوين جملة متكسرة تكاد تنهار مبعثرة . . كي لا يستطيع عاقل ترتيبها مرة أخرى بعد ذلك . .

رجل لا يملك من أمر الفكر إلا السطحية التي دائماً لا يواريها إلا بالطعن في المتدينين و التدين بشكل عام .

مثلك مقاتل صبور. .
 

 لأنه استطاع أن يفوز (( بالتزكية )) في اتحاد كتاب مصر , و من بعده فاز في اتحاد كتاب العرب .
 

 و كلنا يعرف أن التيارات المسيطرة على هاتين الهيئتين ((الوهميتين)) التي يعمل 95% من الكتاب المحترمين بمعزل عنهما , لأن من يسيطرون على هذتين الهيئتين من الكتاب المصنوعين , أو الذين يتم مسح أحذيتهم بأوراق اي مؤلف يطعن في التدين و المتدينين , إلا قليل يهمل .

و أخيراً . . تحضرني كلمات رائعة من ليلى و المجنون و إن اختلفت معها في كثير من المضامين في السياق الذي وردت فيه و الذي كتبه صلاح عبد الصبور غفر الله , لكن معانيها المجردة حينما نقتطعها من السياق و نعدل فيها تعديلاً يسيراً , أجد أنها حضرتني بقوة و أنا أقرأ هذا المقال ( و هي بتصرف مني يسير لبيان المعنى الذي أردته ) :


" كهان الكلمات الكتبة
جُهَّال الأروقة الكذَبة
و فلاسفة الطلَّسمات
و البلداء الشعراء
جرذان الأحياء
و تماسيح الأموات
حكُّوا أقفيتهمو, و تلاغوا كذباب الحانات
لا يعرف أحدهمو من أمر الكلمات
إلا غمغمةً أو همهمةً أو هسهسةً أو تأتأةً أو فأفأةً
أو شقشقةً أو سفسفةً أو ما شابه ذلك من أصوات
و تسلّوا بترامي الفقاعات
لما سكروا سُكرَ الضفدع بالطين
ضربوا بنعيق الأصوات المجنون
حتى ثقلت أجفانهمو, و اجتاحتهم شهوة عربدةٍ فظَّة
فانطلقوا في نبراتٍ مكتظة
ينتزعون ثياب الأفكارِ المومس و الأفكارِ الحرة
و تلوك الأشداق الفارغة القذرة
لحمَ الكلمات المطعون
حتى ألقوا ببقايا قيئهمُ العِنِّين
في رحم الحق
في رحم الخير
في رحم الحرية "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق