06‏/10‏/2014

أفيون العقول - بقلم / رحاب صبري


قرأت سؤالا منشورا على موقع الفيس بوك لأحد الأصدقاء الذين أحترمهم رغم الاختلاف , و كان السؤال :

عن سبب عدم تأثير علي عزت بيجوفيتش رحمه الله في شعبه بنفس قدر تأثيره في مثقفي المسلمين العرب من هواة الثقافة الإسلامية

فأجبت و لكن الأمر لم يتوقف عند الإجابة بل اثار في رأسي معنى أحب أن أطرحه للنقاش :

قلت أن هذا من المستحيل أن يكون لفشل في إدارة الرجل للتسويق لأفكاره , و لكنه بسبب " نخبوية الخطاب و انعزاله عن مخالطة الوحي "

إن رجلا يقود دولة لا يمكن أن يكون سبب فشل انتشار فكره هو فشله الإداري في التسويق لأفكاره , هذا غير مقبول بالمرة , فمن المعلوم أنه كان يستطيع كقائد لدولة - رحمه الله - أن يسخّر من يخوضون عنه معارك نشر الفكر , إن آمنوا به .

لكن السبب الحقيقي في تقديري يكمن في الخطاب النخبوي الفكري , الذي هو خطاب لا يؤثر إلا في شريحة ضئيلة جدا يمكن إهمالها و إهمال تأثيرها من هواة نشوى الرفاهية الذهنية و التنظير . .

لكنه لا يمس عموم المجتمعات الإسلامية , الذين هم قوام الأمة , و الذين بصلاحهم ينصلح حالها .

لذا فإنك لا تكاد تسمع عن بن باديس أو مالك بن نبي و غيرهم كقيادات حقيقية مؤثرة في الأمة ، لأنه تبنوا خطاب يرتدي قفاز ( الأرسطوقراطية الفكرية ) . . و هو قفاز يخشى أصحابه أن يلوثوا لمعان ألفاظه بالكلمات البسيطة العميقة , التي تستطيع أيضا أن تنقل مضومنات أفكارهم و طرحهم , بل و بكفاءة أعلى . . رغم عظمة كثير من أفكارهم .

إن المفكرين الذين نجحوا في تحريك أمم استطاعوا ان يجدوا كلمة سر يفهمها الناس و تمس مشاعرهم , وقدموا بها فلسفاتهم و رؤواهم لعوام الناس . .

فالليبرالية غازلت لفظة شديدة البساطة و هي ( الحرية ) رغم أنها تحمل في طياتها اشد درجات الاستبداد الراسمالي و تحمل في طياتها مبدأ " اللي ما عاهوش ما يلزموش و اللي ما يقدرش ما ياعملش " . . يكفي أن تعرف مثلا أن منظرها الأول و من اتخذه دراويشها ربا لأربابهم هو ( جون لوك ) كان ( نخاسا ) . . ( بائع رقيق ) . . يكتب عن الليبرالية ليلا . . و يبيع الرقيق الأفريقي نهارا . .

لكن الفكرة التي وصلت للناس بسيطة . . و إن كانت خدعة حقيرة . . لكن قوتها في بساطتها . . الحرية

و كذلك الاشتراكية على دمويتها و لا منطقيتها التي لا تقنع إلا المأفونين , نجحت في أن تحرك الجموع البسيطة بكلمات بسيطة " العدالة الاجتماعية " و " حقوق الفقراء " و غيرها حتى اكتشفوا حقيقتها و كربها فانقلبوا عليها إلا هؤلاء المتحجرين الذين يعشقون عطن لأفكار البالية المتعفنة في صفحات كتبها أناس تعفنت أفكارهم مع ذكراهم .

أما في حالة أمة الإسلام , فإن سلطان الفكر على نفوس المسلمين لا يكون إلا بقدر حرارة و فعل الوحي ، و ليس على الفكر الذي تأثر بالوحي ثم حلقل ليسكن في برج عاجي عال. .

لذا رغم هذا السيل من مفكري مايسمى بـ ( مشاريع نهضة ) و ( النخبويين الإسلاميين ) و هم يحملون أفكارا صادقة و مخلصةربما و مبتدئة أحيانا من الوحي , و منهم معاصرين و منهم سابقين أعلام ( إلا أنه لا تكاد ترى لهم تأثيرا , لأنهم أدمنوا أفيون العقول , و هو الخطاب العاري من نصوص الوحي و المستعلي على المفردات اليومية للناس و الذي يُطرِب عشاق الرفاهية الذهنية و التنظير ) .

و هذه الأمة لا تتحرك إلا بخطاب الوحي ثم بسيط بيان ما أشكل على الناس منه بسبب البون النكد بينهم و بين اللغة العربية , فيكون هذا هو الخطاب العميق على بساطته ’ لأنه يعتمد على  النابض بحياة نصوص الوحي . .

و هذا هو الفرق بين خطاب سيد قطب رحمه و غفر له , فرغم أخطائه الشديدة أحيانا - وكلنا ذوو خطأ - رحمه الله  و غفر له , إلا أنه حاول الانطلاق من الوحي , و جعل كلماته مرتبطة بالوحي ارتباطا واضحا ، فكان شديد التأثير في قطاعات عريضة من المسلمين . . رغم قوة لفظه و جزالته . . غفر الله له ما كان عليه من خطأ . . و تقبل منه ما كان عنده من صواب ؟

وبين خطاب نوابغ مثل مالك بن نبي و عبد الكريم بكار الذين تأثروا بالوحي و لكنهم لم يربطوا افكارهم بالوحي ربطا واضحا و انجرفوا وراء استخدام الأساليب النخبوية بعيدا عن القواعد العريضة .

و ما أروع قول علي بن ابي طالب رحمه الله " حدثوا الناس بما يعرفون , أتريدون أن يكذب الله و رسوله "

05‏/10‏/2014

تفرد الإسلام (1) - بقلم / رحاب صبري

لعل من اللافت للنظر أن الداع الحق للإسلام يعتمد في دعوته على بيان عظمة الإسلام من جهة و بيان باطل العقائد المحرفة و الوضعية من جهة أخرى . . بينما تجد منهج دعاة أهل الباطل لايعتمد على بيان ما هو عليه بقدر ما يعتمد على الطعن بالباطل في الإسلام . . و لا يتحدث عن بيان ما يدعو إليه إلا بشكل يدغدغ المشاعر أو يغازل الشهوات أو يرغب النفس في الجموح بعيدا عن منطقة الأمان التي تحمي الإنسان من ضياع دنياه قبل آخرته و هي تكاليف الإنسان .
و لعل سبب ذلك أن الإسلام فيه ميزة عجيبة لا توجد في أي ملة على وجه الأرض , فإن فيه لكل إنسان عددا من البراهين العقلية المتنوعة في الأساليب و المستويات و طرق الاستدلال , لكنها تشترك جميعها في أنها قاطعة محكمة . . و ذلك بأسلوب معجز يتحقق بمجرد قراءة يسيرة في القرآن . . أو في صحيح السنة . . أو في تاريخ الإسلام بعيدا عن الافتراءات . . أو في ما صح سيرة النبي و أصحابه .
و هذه البراهين تتناسب مع المستوى العقلي لكل أحد و ثقافته و ذكائه ,بحيث تمثل له دليلا على حتميا على نسبة الرسول و الوحي القرآني إلى الله تعالى . .

فما بين حقائق علمية , و ما بين إخبار بالغيوب المستقبلية , و ما بين مناقشة و محاججة عقلية , وما بين طرقات على العقل الخامل من تأمل في صور الكون و بيان تفاهة و الإعلان الحاسم أن الله هو خالق هذا الكون وربه و لا يستطيع أحد أن يدعي أنه شيك لله في ذلك . . و مابين تحد بإعجاز القرآن . . و ما بين إحكام و عظمة تشريعية , و مابين تأثير نفسي فريد , و ما بين تيسير للحفظ لا يتوفر لكتاب على وجخه الأرض حتى ليحفظه أطفال ظهرا عن قلب , و ما بين مواقف من سيرة النبي و أخلاق النبي و ووثبة الإسلام بقوم لا ذكر لهم ليقودوا العالم ثم يعودون لا ذكر لهم لما يتخلوا عن تحكيم القرآن . . و غير ذلك مما يشهد شهادات تناسب كل عقل أن هذاهو وحي ثابت عقلا عن الله الإله الخالق الذي لا إله إلا هو .

ثم  من هذه القاعدة العقلية القاطعة , ينطلق المؤمن في اريحية و اثقة لقبول ما لا يفهم حكمته من تشريعات , أو ما لا يتصوره العقل من أمور الغيب التي عابت عن الحواس , بسبب ضيق مدى الاستيعاب العقل البشري الحبيس البيئة و الثقافة و التعليم و الموروثات . . لأنه يؤمن بأن كلا من عند الله.
. . فيؤمن بما لا يفهمه أو ما لا يتصوره من حكمة الإله أو الغيوب , على أساس من العقل و ليس من إلغاء العقل . .

إذ هو يتبع القاعدة العقلية التي تقول " آمنا به كل من عند ربنا "


و هي أرقى درجات التفكير . . لأنه يرتكز على إيمان عقلي صلب مسبق بأن هذا من وحي الله . . و الله هو الأحكم و الأعلم و الأعدل و الأرحم .


أما الملل الأخرى - و لا أستثني - فتنتهج في الإيمان منهجا عكسيا تماما , إنها تجعل من التصديق المجرد لما وجدت عليه الآباء و الأجداد قاعدة لا بد من أن تلغي عقلك أمامها أولا لتكون مؤمنا , و تقبل كل ما جاء فيها . .


لذا فالملل الأخرى تبدأ دائما على قاعدة من التقليد العقلي المبني على عدم التفكير . .

02‏/10‏/2014

بين الطماطم و الجاموس ( رد على خرافات فاطمة ناعوث )

نشر موقع جريدة (( المصري اليوم ) أن فاطمة ناعوث تقول :
«عيد الأضحى» أهول مذبحة يرتكبها الإنسان منذ 10 قرون..

تعليقي :
إن صح الخبر . .و لا أستغرب ميله عن مثلها . .
أقول. . هذه (( التخاريف )) شاهدة عليها , بعدم المنطقية , و عدم الاتساق مع النفس , و التفكير الخرافي (( إن صح أن نسمي هذا تفكيرا )) . .


و ردي في نقاط حتى لا أطيل أكثر من ذلك :


(1) هل حضرتها لا تأكل اللحوم ؟؟ نباتيه يعني ؟؟ لطب و حضرتها نباتيه و حاتاكل سلطة و زيت كما تقول في ثانيا قيئها الذي سمته مقالا ؟؟
ألم تدرس في مناهج العلوم التي تدرس حتى للمعاقين ذهنيا , أن النبات كائن حي ؟؟!!! ألا تشعر كم هي مجرمة و هي تسلب النبات حياته , و تتغذى على النبات بد أن يقطع عيدانه , و يعصر في المعاصر ليخرج له الزيوت , و يطحن في مطاحن لينتج لها الدقيق , و يجفف من الماء !!!!

كل هذا لكي تعيش هي و تتغذى ؟؟
إذن لو جاريناها في طريقة تفكيرها الخرافية , فطبقا لكلامها ده تبقى هي مجرمة لأنها يوميا تقتل و تعذب و تعصر و تطحن كائنات حية لكي تحيا .

(2) أما إن كانت تاكل اللحوم , فإنها لا بد و حتما قد قالت الكلام ده تحت تأثير نوع رديء من المخدرات , أو عقاقير الهلوثة . .

أم أن اللحوم التي تاكليها (( مصنعة من شيء غير النبات و الحيوان ))؟

(3) ثم ألم يخبر أحد - الأذكى بين أخواتها - أن الكائنات الحية هي مصدر الغذاء للبشرية .. و لا مصدر آخر ؟؟
أم أنها تريد أن تتغذى على الزجاج , و تقف في الموالد لتقول (( لا سحر و لا شعوذة النمرة دي لسه جاية من الهند , باكل الإزاز يا جماعة ))
فعلا . . النمرة دي لسه جاية من الهند . . (( مع الاعتذار للهند , بس الهند مش بشر و فيلة بس . . فيه بقر كمان ))


(4) ألا تعلم تلك أن أيام العيد تلك تعتبر أعظم يوم إطعام للفقاء و المحتاجين و متضرري المجاعات على مستوى العالم و على مستوى التاريخ , إنهم أناس حرمهم الجوع من أن يزور اللحم بطونهم , و هم يحتاجون إليه ليس فقط لإشباع جوعهم , و لكن لأن الجسم البشري يحتاج إلى (( 20 نوع من الأحماض الأمينية )) منها 10 لا يستطيع أبدا تكوينها و إنما يحصل عليها فقط من البروتين الحيواني .


(5) ثم إنه علميا لو تركت الماشية تتكاثر دون ذبح لاختل التوازن البيئي , و للولايات المتحدة الأمريكية في هذا تجربة شهيرة .


(6) قولها أن أصل الأضحية هو ( كابوس باغت أحد الصالحين ) . .

أولا . . رؤيا إبراهيم لم تكن كابوسا . . بل كانت رؤيا . . و الله أخبرنا أنه رؤيا . . و الله يعلم و أنت لا تعلمين . . و الله فدا إسماعيل بذبح عظيم لما صدق إبراهيم الرؤيا و استسلم هو و ابنه إسماعيل لما جاء في الرؤيا . .
يقول الله " وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " [ سورة الصافات 104 - 105 ]

و إبراهيم عليه الصلاة و السلام أبو الأنبياء كان أحكم من قطيع من أمثالك . . و ما كان ليقدم على ذبح ابنه . . إلا بما يعلم يقينا أنه وحي . . و ليس كابوس . .
بل إن إسماعيل نفسه عليه السلام ما قال إنه كابوس كما قلتي , و هو الذي كان معرضا للذبح و فقدان حياته : " فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ "
[ الصافات 102 ]


(7) أما قولك أن إبراهيم رجل صالح , فهو طبعا صالح , لأنه أبو الأنبياء و رسول من عند الله . . و أنت طالحة لأنك جاهلة تخرفين بما لا تعلمين في دين الله . .


(8) تقول :
" توضيح أخير: أنا مسلمة لكنني لا أطيق إزهاق أي روح حتى ولو نملة صغيرة تسعى، وليحاسبني الله على ذلك فهو خالقي وهو بي أدرى "
حسنا دعيني أخبرك أنني أتوقع أن بيتك ربما كان مليئا بالصراصير و الذباب و النمل و الدود لأنك ى تحبين إزهاق أي روح . .


كما ربما يسعى القمل في رأسك و شعرك . . لأنك لا تحبين إزهاق أي روح . .
و إلا فأنت مدعية !!

ثم أكرر إن الخبز و الزيت و ((السلطة)) التي تكتفين بأكلها على حد زعمك في مقالك أنت تقولين " سأكتفي أنا بصحن من سلاطة قيصر بقطع الخبز المقدد بزيت زيتون " إنما هي نباتات ( أراوح . . حية ) أزهقت و مزقت و طحنت أو عصرت أ و وضعت في النار و أنت تأكلينها باستماع !!!!
اتسقي مع نفسك . . فما تحاولين الظهور به ليس المثالية الكاذبة حتى . . بل هو الترهات و الخرافات .


أما قولك " فهو خالقي وهو بي أدرى " . . دعيني أخبرك ماذا قال خالقك . .
قال خالقك عن من يجادلون في الله بهواهم , بغير علم ولا هدى و لا كتاب منير :

"  وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10) "

فاحذري أن تقعي في هذه الورطة المذكورة في الآية . . لا أسقطها عليكي . . و لكن أسقط عليك منها أنك تجادلين بغير علم . . و بقية أمرك إلى الله . .
لكنك جاهلة لا يؤخذ منك في الدين شيء .

( تاسعا . . بل و أولا و أخيرا )

و قبل كل تلك الأدلة العقلية اللي ذكرناها على تخلف ما كتبت هذه المرأة عن مستوى التفكير البشري الطبيعي لطالب في المرحلة الابتدائية . .
اقول حتى لو لم يكن هناك اي سبب من هذا . .
إلهك و إله العالم يقول : {فصلّ لربك وانحر} و يقول {والبدنَ جعلناها لكم من شعائر الله }


فإن هذا (( دين الإسلام )) , هذا شرع الإله ((الحكيم)) و ليس عقل مثلك يرضاه عاقل حكما على حكمة الله . . (( العادل )) و ليس مثللك يحكم على عدله , (( الرحيم )) الذي مثلك لا يرحم كمثل رحمته . . سبحانه ليس كمثله شيء . .

لذا أقولها لك . .

هذا دين . . فإذا لم يعجبك الدين, فرأيك تحت الحذاء , أو في قاع المرحاض مكانه , و لا كرامة لراي يطعن في دين الله .


أنا لم أناقش تاريخ صعود فاطمة ناعوث من بالوعات مراحيض مواقع الطعن في الإسلام , لتتسلق على حوائط الحانات الفضائية , و أوراق التواليت الصحفية . . لأنني أردت الرد على الفكرة أولا و بيان تفهاتها و خرافيتها . .