05‏/10‏/2014

تفرد الإسلام (1) - بقلم / رحاب صبري

لعل من اللافت للنظر أن الداع الحق للإسلام يعتمد في دعوته على بيان عظمة الإسلام من جهة و بيان باطل العقائد المحرفة و الوضعية من جهة أخرى . . بينما تجد منهج دعاة أهل الباطل لايعتمد على بيان ما هو عليه بقدر ما يعتمد على الطعن بالباطل في الإسلام . . و لا يتحدث عن بيان ما يدعو إليه إلا بشكل يدغدغ المشاعر أو يغازل الشهوات أو يرغب النفس في الجموح بعيدا عن منطقة الأمان التي تحمي الإنسان من ضياع دنياه قبل آخرته و هي تكاليف الإنسان .
و لعل سبب ذلك أن الإسلام فيه ميزة عجيبة لا توجد في أي ملة على وجه الأرض , فإن فيه لكل إنسان عددا من البراهين العقلية المتنوعة في الأساليب و المستويات و طرق الاستدلال , لكنها تشترك جميعها في أنها قاطعة محكمة . . و ذلك بأسلوب معجز يتحقق بمجرد قراءة يسيرة في القرآن . . أو في صحيح السنة . . أو في تاريخ الإسلام بعيدا عن الافتراءات . . أو في ما صح سيرة النبي و أصحابه .
و هذه البراهين تتناسب مع المستوى العقلي لكل أحد و ثقافته و ذكائه ,بحيث تمثل له دليلا على حتميا على نسبة الرسول و الوحي القرآني إلى الله تعالى . .

فما بين حقائق علمية , و ما بين إخبار بالغيوب المستقبلية , و ما بين مناقشة و محاججة عقلية , وما بين طرقات على العقل الخامل من تأمل في صور الكون و بيان تفاهة و الإعلان الحاسم أن الله هو خالق هذا الكون وربه و لا يستطيع أحد أن يدعي أنه شيك لله في ذلك . . و مابين تحد بإعجاز القرآن . . و ما بين إحكام و عظمة تشريعية , و مابين تأثير نفسي فريد , و ما بين تيسير للحفظ لا يتوفر لكتاب على وجخه الأرض حتى ليحفظه أطفال ظهرا عن قلب , و ما بين مواقف من سيرة النبي و أخلاق النبي و ووثبة الإسلام بقوم لا ذكر لهم ليقودوا العالم ثم يعودون لا ذكر لهم لما يتخلوا عن تحكيم القرآن . . و غير ذلك مما يشهد شهادات تناسب كل عقل أن هذاهو وحي ثابت عقلا عن الله الإله الخالق الذي لا إله إلا هو .

ثم  من هذه القاعدة العقلية القاطعة , ينطلق المؤمن في اريحية و اثقة لقبول ما لا يفهم حكمته من تشريعات , أو ما لا يتصوره العقل من أمور الغيب التي عابت عن الحواس , بسبب ضيق مدى الاستيعاب العقل البشري الحبيس البيئة و الثقافة و التعليم و الموروثات . . لأنه يؤمن بأن كلا من عند الله.
. . فيؤمن بما لا يفهمه أو ما لا يتصوره من حكمة الإله أو الغيوب , على أساس من العقل و ليس من إلغاء العقل . .

إذ هو يتبع القاعدة العقلية التي تقول " آمنا به كل من عند ربنا "


و هي أرقى درجات التفكير . . لأنه يرتكز على إيمان عقلي صلب مسبق بأن هذا من وحي الله . . و الله هو الأحكم و الأعلم و الأعدل و الأرحم .


أما الملل الأخرى - و لا أستثني - فتنتهج في الإيمان منهجا عكسيا تماما , إنها تجعل من التصديق المجرد لما وجدت عليه الآباء و الأجداد قاعدة لا بد من أن تلغي عقلك أمامها أولا لتكون مؤمنا , و تقبل كل ما جاء فيها . .


لذا فالملل الأخرى تبدأ دائما على قاعدة من التقليد العقلي المبني على عدم التفكير . .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق